زار أولانا حلم جميل، لم تتذكر عما كان، لكنها تذكر أنه كان سعيدا جدا، أنها صحت مدفئة نفسها بفكرة أنه لايزال في وسعها أن تحلم أحلاما سعيدة، تمنت لو لم يكن أودينيجو قد ذهب إلي العمل حتي تحكي له عن ذلك وتتبع ابتسامته المتسامحة وهو ينصت إليها، تلك الابتسامة التي تقول إنه ليس في حاجة لأن يوافقها حتي يصدقها، لكنها لم تر تلك الابتسامة منذ ماتت أمه، منذ حاول أن يذهب إلي آبا وعاد قابضا علي الظلال، منذ بدأ يغادر إلي العمل مبكراً جدًا ويتوقف عند بار تنزانيا في طريق عودته إلي البيت، لو أنه فقط لم يحاول أن يعبر الطرق المحتلة، لما كان الأن مكتئباً جدًا ومنسحباً، لم يكن حزنه ليدفن بالفشل.
تقع أحداثُ الرواية قبلَ، وأثناء، وبعد، الحربِ الأهلية النيجيرية-البيافرية، التي تُعرَف عالميًّا بحرب بيافرا، وأزهقت أكثرَ من مليون روحٍ بشرية. وهي نزاعٌ أهليٌّ مُسلَّح استمر من 1967 حتى 1970، في محاولة من ولايات الجنوب الشرقيّ النيجيري الاستقلال عن الدولة الاتحادية في نيجيريا، وإعلان جمهورية بيافرا، التي اتخذت من رمز «نصفِ شمسٍ صفراء» شعارًا لها وعَلمًا مستقلًّا يكافحون من أجل رفعه فوق أرضهم. ولذلك أهدت تشيمامندا روايتَها لجديها اللذين قضيا في الحرب، وإلى جدتيها وأبويها الذين حكوا لها أهوالَ الحرب، ثم أخيرًا «للحب» الذي تطمحُ في أن يسود العالم.
في هذا قالت آديتشي: «جَدي لأمي، وجَدي لأبي، كلاهما كان رجلًا رائعًا، كلاهما وُلد في بدايات القرن العشرين في أرض قبيلة الإيبو التابعة للحكم البريطانيّ، كلاهما قرر أن يعلِّم أبناءه، كلاهما كان خفيفَ الظِّلّ، وكلاهما كان ذا كبرياء.
علمتُ كلَّ هذا عبر القصص التي حُكيَت لي. قبل مولدي بثماني سنوات، قُتل جداي في بيافرا كلاجئيْن بعدما فرّا من مسقط رأسيهما التي سقطت تحت سُلطة الحشود الفيدرالية. وكبرتُ أنا في ظلال بيافرا. كبرتُ وأنا أسمع قصصًا عن: (قبل الحرب)، و(بعد الحرب)؛ كأن الحرب بشكل أو بآخر قد قسمتْ ذاكرةَ عائلتي نصفين. وهفوتُ دائمًا للكتابة عن بيافرا- ليس لأمجِّدَ جَديَّ فحسب، بل أيضًا لأمجِّدَ الذاكرةَ الجمعية للأمة بأسرها.
كتابة (نصفُ شمس صفراء) كانت بمثابة إعادة رسم شيء لم أره، على أنني حملتُ ميراثَه. كما أنها، كما آمُل، ضريبتي للحبِّ: ذلك الشيء الساحر اللامنطقي الذي يربط بين الناس، والذي يجعلنا آدميين».