أحدثَ علمُ الجينوم تغييرًا فارقًا في العلوم البيولوجية؛ فبدايةً من علم الأوبئة والطب إلى علم الأحياء التطوُّري وعلم الأدلة الجنائية، أدَّت القدرةُ على تحديد التكوين الجيني الكامل لكائنٍ حي إلى تغيير النُّهجِ التي يسلكها الباحثون في مجال العلم، والأسئلةِ التي يُمكِن أن تُطرَح بشأنه. ويُعَد أعظم إنجازات هذا المجال مشروع الجينوم البشري، الذي يُمثِّل مسعًى محفوفًا بالتحدِّيات التكنولوجية، استغرق إتمامُه ١٣ عامًا من جهودِ آلاف العلماء في مختلِف أنحاء العالم، وكلَّف أكثر من ثلاثة مليارات دولار أمريكي.
يستعرض المؤلِّف في هذا الكتاب من سلسلة «مقدِّمة قصيرة جدًّا» علمَ الجينوم ومجموعةَ أدواته الآخِذة في التوسُّع بوتيرة متسارِعة؛ فتحديد تسلسُل الجينوم البشري أصبح يستغرق بضعة أيام فحسب، ويُكلِّف مبلغًا زهيدًا لا يتجاوز ١٠٠٠ دولار. أمَّا تحديدُ تسلسُل جينومات البكتيريا والفيروسات البسيطة، فلا يستغرق أكثرَ من بضع ساعات باستخدامِ جهازٍ بحجم راحة اليد. ويوضِّح لنا المؤلِّف كيف يُمكِن استخدامُ التسلسُلات الناتجة لتحسين فَهم نظامنا البيولوجي في الصحة والمرض و«شخصنة» الإجراءات الطبية. ويُبيِّن أنَّ مجال علم الجينوم على أعتابِ قفزةٍ هائلة أخرى، وستكون آثارها عميقة على العلم والمجتمع.