ها هو ذا بورخيس وساباتو. أمتنع عن وصف وقائع وصولهما، فلا أولي أيّة أهمية للّباس، ولا للفضاء الذي يضمّهما، ولا حتى للأثاث. أتحمّل وزر هذه اللامبالاة المقصودة التي تتجاوز عن ذكر التفاصيل والجزئيات. بدَل المعاينة الحثيثة، أفضل الانقطاع والتنازل. لذلك، كان يكفيني- لأحقّق ذلك- أن أتذكّر عدد الأحلام والرّؤى، التي تركاها حبيسة الأوراق. كلّ النّهم الذي يحرّكني الآن، هو أن ألزمهما بالتحدّث عن الأحلام، التي خلّفها بورخيس الكاتب، كما ساباتو الكاتب، رهينة الورق. إنه تقاطع صُوَر نافذ الحذق، هذا الذي حققه هذان الرّجلان المدركان جيداً لما تعنيه حرية المونولوغ، الذي يبقى خالداً (لأن من معاني الكتابة محادثة الذات لذاتها، ومعايشة العزلة!)؛ وها هما يقبلان بتقاسم الحديث اليوم، لبضع لحظات. ليس بورخيس وساباتو سوى مجموع المؤلفات، التي دبّجاها، والريبورتاجات التي خلّفاها، والحياة التي عاشاها بكافة ألوان طيْفها، وكذا النواقص التي عانيا منها؛ وهما أيضاً العين والعمى، وهذه الحوارات كذلك!
منتجات ذات صلة
الكتب العربية
0.00$
أدب و شعر ونصوص
0.00$
أدب و شعر ونصوص
0.00$