إذا ما كانت الكثير من الروايات قد تناولت موضوع سرقة الآثار المصرية ونهبها وتهريبها، فإن المدهش والجديد في هذا النص الإنساني أنه جعلها في خلفية الحدث بحرفية بالغة، في حين تصدر المشهد صراع آخر بين الثقافات على أرض الحضارة، مصر، ببقعة صغيرة بعيدة أقصى الجنوب، ومشاهد رومانسية وأحاسيس إنسانية متباينة من خلال سرد سلس أقرب لمذكرات شخصية، أو يوميات امرأة قادتها المغامرة إلى مكان غريب عليها حتى صارت جزءًا منه دون أن تدري، مدفوعة بجرأة ونظرة مختلفة للحياة. هذه رواية تنطوي على قصة حقيقية، ربما تداخل فيها خيال الكاتبة مع أحداث مرت بها لكنها رأتها أولًا بقلبها ثم بمشاعرها وعندما تغلغلت بوجدانها، كتبت. تنتقي من بين عشرات الحكايات ما يجذب القارئ، ما يحفز تفكيره حول اختلاف الثقافات والحياة في صعيد مصر، عن لعنة قدماء المصريين والتنقيب عن الآثار، تتناول جانبًا غامضًا وجديدًا من حياة نسل لعائلة شهيرة في هذه التجارة وقت أن كان مسموحًا بها، وما طرأ على مجتمعها من تغيرات جذرية بعد تجريمها، عن تلك الشعرة الرقيقة الفاصلة بين الحفاظ على كنوز ومتعة اكتشافها وبين قوانين جامدة ولوائح صارمة تحرم وتمنع وربما تمنح بعض السلطة لمن لا يقدر قيمة كنوز مثل الذي اكتشفها وعرف طريقها ودروبها وحافظ عليها وعاش من خيرها لسنوات طويلة قبل أن تطوقه ذراع القانون الطويلة.
أشرف العشماوي