نسج غابرييل غارثيا ماركيز، عبر عالمه الروائي الثري، نهايات عشرات الشخصيات، فمنها من انتهت مرفوعة إلى السماء، ومن تواطأت على نهايته بلدةٌ عن بكرة أبيها، ومن وشت بموته النسور، ومن حملتهما سفينة في نهر ظل يهدهدها إلى الأبد…
ولمَّا حانت نهاية ماركيز، وهبه القدر أن يكون ابنه هو كاتبها، ووهبه أن يكون هذا الابن متخصصًا في فن السينما الذي طالما خايل أباه، فتأتي النهاية في مشهدٍ بعد مشهد، كأنها، في آن واحد، فيلم مقروء مرئي، ووهبه أن يجمع كتاب واحد نهايته ونهاية زوجته مرسيدس، لتكون رفيقة موته مثلما كانت رفيقة حياته…
هذه، إذن، هي الصفحات الأخيرة في الرواية الاستثنائية التي عاشها ماركيز، ورواها، وخلَّدها، نقابله عبرها للمرة الأولى صامتًا، دون أن يعوق الصمت حضوره الطاغي، ولا الموت.