ضمن نثر مُقتَصد ولكنه حيٌّ وزاخرٌ بالتفاصيل، تُصورُّ هذه الرواية المؤثرة، المشاهدَ والأصوات والمناظرَ الطبيعية الغريبة والمميّزة لمدينةٍ ساحليّة في شَرق إفريقيا، والولادة الرّوحيّة لصبيّ حَسّاس في سِنّ الخامسة عشر ينتمي إلى عائلة يَنخرها الفقر وتَعيث الرّذيلة فيها والفساد، كما تُحيطُ به حلقة مُفرغة مستديمة من العنف واليأس. في غمار هذه المشقّة يزمعُ الشاب اليافع حسّان عمر أمرهُ على الهروب.
اصطدام أسرار الماضي مع آمال المستقبل، ومزيجُ الخوف والإحباط، والجمال والوحشيّة، تَخلُقُ كلها مجتمعة حكايةً عنيفةً ومريرة ترتكزُ على قُدراتٍ إبداعيّة لا سبيلَ إلى إنكارها. إنّ نقطة التحوّل في حياة حَسّان عُمر، ترمزُ إلى قضيّة أكبر في النهاية؛ ذلك أن مَطامِح البطل ومعضلاته تعكسُ كفاحَ العالم الثالث في إفريقيا للتخلّص مِن جِلده الاستعماريّ، وما لحِقَ بهِ طويلًا من فَقرٍ وحِرمان وقَمع، والسّعي إلى تأسيسِ هويّته الجديدة.