إبكتيتوس المختصر هو كتاب صغير الحجم يتسم بالبساطة، يضم بين طياته محاورات إبكتيتوس، والتي دونها أريانوس تلميذه المقرب. ويتحدث في كتابه عن الرواقية وفلسفتها في الحياة، وكيف تجعلك هاته الفلسفة متعايشا في تسامح مع كل ما هو حولك انطلاقا من حيات الطفولة وما مررت به من سعادة أو حزن، إلى نقطة النهاية، وهي اللحظة الموعودة، حيث أن الهدف منها هي أن تتقبل واقعك بصدر رحب دون التذمر من الحياة وما يا يتبعها وتتطلبه. يجعلك كتاب إبكتيتوس المختصر متيقنا من أن إرادة الإله هو الاختيار الصحيح، وأن حتى الأشياء التي نظن أنها أمور سيئة تحصل لنا، هي في حقيقة أمرها أمور حسنة، وإنما المر يرتبط بفكرتنا السيئة أو الخاطئة التي نرى بها تلك الأشياء. ويعلم إبكتيتوس أنه ليس ثمة أي أذى حقيقي قد يصيب المرء إلا ما كن من أوهام العقل، التي تنتج عن أحكامه الخاطئة عن الأشياء. هكذا يرى أن الضرر لا يأتي إلا من الذات إلى الذات، حيث أنه لا قيمة لقولنا أن المرء ضحية لغيره، فلا يكون المرء إلا ضحية لنفسه.
اقتباسي من الكتاب
إلام تنتظر حتى تنتدب نفسك لأجل المراتب ولا تحيد عن حدود العقل؟ لقد تلقيت النظريات التي ينبغي الإلمام بها وألممت بها. أي معلّم آخر إذًا ما زلت ترتقبه حتى تُحيلَ إليه مهمة تقويم ذاتك؟ أنت لم تعُد صبيا لقد كبرت. فإذا بقيت مهملًا كسولا، وما تنفك تسوّف وتماطل وترجئ اليوم الذي ستنتبه فيه إلى نفسك، فلن تراوح وستظل جهولًا في حياتك وفي مماتك. الآن إذن اعتبر نفسّك جديرًا بالعيش كراشدٍ وسالك على درب الفلسفة، وخذ كل ما تراه حقا واجعله قانونا صلبا لا يقبل الانتهاك. فإذا عرض لك عارض من ألم أو لذة أو مجْدٍ أو شين فتذكّر أن النزال الآن، الأوليمبياد الآن ولا يمكن أن تؤجل، وبانكسارة واحدة وتخاذلٍ واحد يذهب الفوز أو يأتي. هكذا بلغ سقراط الكمال؛ مقوَّمًا نفسه بكل وسيلة؛ غيرَ مُصغ إلى شيء سوى العقل، ورغم أنك لست سقراطًا بعد فإنه ينبغي عليك أن تعيش كمن يطمح أن يكون سقراطًا"