لو حدث ومتُ في هذه الحرب . لو حدث وكنت ما زلت تحبينني بعد الحرب . لو حدث وفكرتي أن ترينني ثانية ، فتعالي إلى قريتي . ستجدينني بين النخيل . كنتُ في تلك الليالي التي أشتاقك فيها جدا ، أهيم بين البيوت ، حتى ينبهني إدريس المؤذن . حينها كان ينتهي من ابتهالاته في الثلث الأول من الليل . تتوقف السماء . تلتقط أنفاسها من ضجيج الصراخ ، فتغط القرية في صمت كامل كجثة ابي ذر المنفية . آنذاك فقط ، كان بإمكان الرأس المتعب من ثقل اللا أدريات أن يسقط على المخدة ، كسقوط رأس نخلة بقذيفة … ويستريح . قبل قليل وأثناء سقوط رأسي ـ بقذيفة النعاس العنيد – على جثث الرفاق الذين قنصهم القناص المتربص بي كالنسر ، رأيت أمي ترجع من الحقل بعش بلبل لم يغط الريش لحمه بعد – اسميته يوسف لاحقاً – تركه اخوته ب أمي كي تفاجئني به . ورأيت أبي يصعد نحو السماء ، وهو غاضب على طريقة الله في الادارة . ورأيت قوافل الفلاحين الموتى الذين أعرفهم وهم في حقولهم ينتظرون طبق الخبز والزبد والتمر ، تحمله نسائهم بغنج مفضوح . الفلاحون لا يرحلون يا جنان ، وأنني حين أموت ، سأمكث للأبد بين نخيل القرية .
منتجات ذات صلة
قصص و روايات عربية
0.00$
قصص و روايات عربية
0.00$
قصص و روايات عربية
0.00$