يعرض جان – جاك روسو في هذا الكتاب أزمة الخوف والحذر عنده التي مردّها إلى ما عاناه أو صوِّر له أنه يعانيه من ضروب الاضطهاد المنزلة به عمداً من كلّ صوب، فيغرق في السويداء الشاملة. وهو، في براءة رأيه في نفسه، قد يكون صنع القليل من الخير، لكنه في حياته كلها لم يفكر بصنع الشر. عندها، لم يكن يجد مخرجاً لهذه الأزمة النفسية، وهمية كانت أو واقعية، إلّا بالهروب إلى الوحشة والوحدة، إلى النزهات في أماكن لا يرتادها الناس وينصرف إلى هواجسه لما تتضمن من تعبير عن قلق واضطراب، وإلى التلهي بالموسيقى والاهتمام بعلم النبات.
النزهات التي كان يقوم بها "حالماً" كانت تستثير عنده مشاعر عميقة ملأى بـ "الهواجس". كان يتلذذ بالنزهات لأنها توافق كسله الجسدي من حيث الابتعاد عن كل عمل مصمّم، وتتناغم مع غزارة مخيلته وتدفق رعشاته.