إذا كان الإلمام بفلسفة هيجل عملاً ضرورياً لكل مثقف، من حيث إنه فيلسوف شامل كتب في السياسة والتاريخ والجمال والفن… إلخ.
تاريخ العالم عند هيجل هو مسار تكافح فيه الروح لكي تصل إلى وعي بذاتها، أعني لكي تكون حرة، وكل مرحلة من مراحل سيره تمثل درجة من الحرية والمرحلة الأولى التي تبدأ منها الروح هي العالم الشرقي: الصين، والهند، وفارس، ومصر.
يهمنا في هذا الكتاب من المراحل السابقة بالدرجة الأولى “العالم الشرقي” لا لأنه الخطوة الأولى التي خطتها الروح ولا لأنه “في آسيا أشرق ضوء الروح ومن ثم بدأ التاريخ الكلي كما يقول هيجل” ولكن لأنه عالمنا نحن، فهو أكثر مراحل التاريخ أهمية، إنه تحليل للشخصية الشرقية وفي ظننا أن تعرفناعلى تحليل عميق لهذه الشخصية يقوم به فيلسوف مثل هيجل، له فائدة مزدوجة، فنحن من ناحية نجد أنفسنا في هذا التحليل العميق “للروح الشرقي” أمام مرآة مكبرة تنعكس عليه شخصيتنا بكل ما فيها من جمال وقبح، وفي إستطاعة القارئ أن يقارن بين ما يقوله هيجل عن صفات وخصائص العالم الشرقي في الأخلاق والسياسة والفن والدين ومظاهر الحياة المختلفة، وما يراه من حوله في هذه المجالات.
ومن ناحية أخرى، فإن وصولنا إلى هذا الوعي الذاتي مسألة بالغة الأهمية لأنه يمثل الموقف المعرفي بأدق جوانب.