عندما انتقل هوارد واين إلى فيلادلفيا في مارس 2004، كانت لديه بالفعل خبرة كبيرة في مجال الفندقة. كان قد حصل على درجة الماجستير في إدارة الفنادق، وساعد شركة Starwood Hotels على إطلاق علامتها التجارية W، وأدار أرباحًا تقدر بمليارات الدولارات كمدير للأغذية والمشروبات في شركة ستاروود. لكنه كان قد سئم من “الفنادق الكبيرة”. وكان يتوق لبيئة أصغر وأكثر تركيزًا على المطاعم. لذلك انتقل إلى فيلادلفيا للمساعدة في تصميم وإطلاق مطعم لحوم فاخر جديد يسمى باركلي برايم Barclay Prime.
كانت الفكرة بسيطة. حيث سيقدم باركلي برايم أفضل تجربة يمكن تخيلها في مطاعم اللحوم. يقع المطعم في أرقى جزء وسط مدينة فيلادلفيا، ومدخله خافت الإضاءة مرصوف بالرخام. وبدلًا من مقاعد الطعام التقليدية، يجلس العملاء على أرائك فخمة موضوعة حول طاولات رخامية صغيرة. ويأكلون من بوفيه مأكولات بحرية كبير، يشمل محار الساحل الشرقي والغربي والكافيار الروسي. وتضم قائمة الطعام أشهى المأكولات مثل بطاطس مخفوقة بالكمأة وسمك هلبوت تم اصطياده بالخيط والصنارة وإرساله عبر شركة فيديكس ليلًا من ألاسكا مباشرة.
لكن واين كان يعلم أن الطعام الجيد والأجواء الرائعة لا يكفيان. فما أكثر المطاعم التي تتعرض للإفلاس. حيث يفشل أكثر من 25% منها خلال اثني عشر شهرًا من الافتتاح. ويتوقف 60% منها عن العمل خلال السنوات الثلاث الأولى.
تفشل المطاعم لأسباب عديدة. التكاليف مرتفعة؛ تكاليف كل شيء من الطعام الموجود على الأطباق إلى عملية تحضيره وتقديمه. والمجال مكتظ بالمنافسين. مقابل كل مطعم أمريكي صغير جديد يظهر في مدينة كبرى، هناك اثنان آخران بالقرب منه.
كأغلب المشروعات الصغيرة، المطاعم لديها أيضًا مشكلة وعي ضخمة. مجرد نشر خبر افتتاح مطعم جديد -ناهيك بكَون الطعام فيه جيدًا- يعد معركة شاقة. وعلى عكس سلسلة الفنادق الكبيرة التي عمل واين لديها سابقًا، أغلب المطاعم لا تملك موارد كافية للإنفاق على الكثير من الدعاية أو التسويق. إنها تعتمد في نجاحها على ما يقوله الناس عنها.
كان واين يعرف أنه في حاجة إلى إحداث ضجة. كانت فيلادلفيا تزخر بالفعل بالعشرات من مطاعم اللحوم الباهظة، فكان على باركلي برايم أن يتميز عنها. كان واين في حاجة إلى شيء يشق طريقه وسط الفوضى ويمنح الناس شعورًا بتفرد العلامة التجارية. لكن ما هو؟ كيف يمكنه جعل الناس تتحدث عنه؟
ماذا عن شطيرة لحم بالجبن بمائة دولار؟
شطائر اللحم والجبن العادية في فيلادلفيا متاحة بسعر أربعة أو خمسة دولارات في مئات من متاجر الشطائر ومطاعم البرجر الصغيرة ومحلات البيتزا في جميع أنحاء فيلادلفيا. فالوصفة ليست صعبة. قطِّع بعض شرائح اللحم على الصينية، وضعها على خبز هوجي (هيرو) ملفوف، وضع قليلًا من جبن بروفولون أو جبن Cheez Whiz الذائب على الوجه. إنها وجبة سريعة إقليمية شهية، لكنها بالتأكيد ليست من المأكولات الراقية.
اعتقد واين أن في إمكانه إحداث بعض الضجة بالارتقاء بشطيرة اللحم والجبن المتواضعة إلى مستويات جديدة في مجال الطهي؛ وتسعيرها بسعر يحدث ضجة إعلامية. لذا بدأ بلفافة بريوش طازجة منزلية الصنع عليها طبقة مسطردة محلية الصنع. وأضاف لحمًا بقريًا كوبيًا مقطعًا إلى شرائح رفيعة، ومعرَّقًا على نحو رائع. ثم أضاف بعض البصل المكرمل، والطماطم المقشرة، وجبن تاليجيو ثلاثي الدسم. وعلى السطح وضع كمأة سوداء مقشرة مقطوفة باليد وذيل سرطان بحر من شواطئ مين مطهي في الزبد. ولجعل الطبق مبهرًا أكثر، كان يقدمه مع مشروب فاخر بارد.
وكان رد الفعل مذهلًا.
لم يجرب الناس الشطيرة فحسب، بل سارعوا بإخبار الآخرين عنها. اقترح أحدهم أن تتناولها المجموعات “كفاتح للشهية … وبهذه الطريقة تُتاح لهم جميعًا الفرصة لقص القصص”. وذكر آخر أن الشطيرة كانت “تفوق الوصف بصراحة. فلا يخلط أحد جميع هذه المكونات الرائعة معًا ويحصل على شيء دون المستوى. كان الأمر يشبه أكل الذهب”. ونظرًا لسعر الشطيرة، كانت تكلفتها تكاد تعادل تكلفة أكل الذهب، إلا أنها كانت أشهى بكثير.
لم يحضِّر واين مجرد شطيرة لحم وجبن أخرى، بل حضَّر طبقًا يستحق الحديث عنه.
وقد نجح الأمر. فقصة شطيرة اللحم والجبن ذات المائة دولار كانت معدية. اسأل أي شخص زار مطعم باركلي برايم. حتى إذا لم يطلب الناس شطيرة اللحم والجبن، فأغلبهم على الأرجح سيتحدثون عنها. حتى مَن لم تسبق لهم زيارة المطعم يحبون الحديث عنها. كانت جديرة للغاية بالتغطية الإعلامية لدرجة أن صحيفتيّ وول ستريت وأمريكا اليوم ومنافذ إعلامية أخرى نشرت فقرات عن الشطيرة. وصورت قناة ديسكفري مقطعًا عنها لبرنامجها Best Food Ever. وتناول ديفيد بيكهام واحدة منها عندما كان في المدينة. ودعا ديفيد ليترمان رئيس الطهاة في باركلي إلى نيويورك ليطهو له واحدة في برنامج The Late Show. كل هذه الضجة حول شيء ما زال، في جوهره، مجرد شطيرة.
الضجة الإعلامية كانت مفيدة. فقد تم افتتاح باركلي برايم منذ عقد من الزمان. ورغم كل الصعاب، لم ينجُ المطعم فحسب بل ازدهر أيضًا. وربح عددًا من جوائز الطعام وصُنف ضمن أفضل مطاعم اللحوم في فيلادلفيا عامًا بعد عام. لكن الأهم من ذلك، أنه أصبح له أتباع. لقد انتشر باركلي برايم.
معدي – السبب وراء تفشي الأشياء
0.00$
متوفر في المخزون
رمز المنتج: معدي - السبب وراء تفشي الأشياء
التصنيف: اقتصاد وإدارة أعمال
الوسم: معدي السبب وراء تفشي الأشياء معدى السبب وراء تفشى الاشياء جونا برجر مكتبة جرير
منتجات ذات صلة
اقتصاد وإدارة أعمال
0.00$
اقتصاد وإدارة أعمال
0.00$
اقتصاد وإدارة أعمال
0.00$