ذاكرة زرقاء لوطن أصفر.. هذا ما يمنحنا إياه الشاعر محمد الفايز في ديوانه، وهو يعيد للدنيا حديث سندباد غير السِّندباد، خلاصة تجربة الأوَّلين الهاربين من ضيمِ البرِّ إلى وحشة البحر، ذاكرة الملح والجوع والخوف، ذاكرة وَلَه البحَّارة إلى أرضٍ تلفظهم، ونفورهم من بحرٍ يجذبهم.
يُقدِّم هذا العمل صورة مغايرة للعمل الموسيقي الشهير الذي أُنتج في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، المقتبس من الدِّيوان للتلفزيون والمسرح، والذي احتفى بحياة البحر بتكريسه الجانب البطولي وفق ما تتطلبه الأعمال الفنية الوطنية الكُبرى.
يلامس الفايز في نصِّهِ المكتوب حياةً أقرب إلى الواقع، بصورة تُقدِّم الإنسان إنسانًا، يُقدِم على فعل بطولي قسرًا بدافع الحفاظ على بقائه، يخاف ويشكو الظلم ويحبُّ ويكره، يُمارس ما يراه الآخرون بطولةً وهو ينشد أهزوجة الخوف.