ثمة قرية على بعد ساعةٍ من لندن. لا تختلف هذه القرية عن غيرها من القرى، ففيها حانة واحدة، وكنيسة واحدة، ومنازل ريفية مبنية من الطوب الأحمر، وبعض المباني السكنية العامة، وعدد من المنازل الكبيرة المنتشرة هنا وهناك. ترتفع من جنباتها الأصوات، كما ترتفع في أي مكان، يتبادل سكانها أطراف الحديث عن المحبة والحاجة والعمل والموت والخروج في نزهة مع الكلاب. هذه القرية تنتمي إلى الناس الذين يعيشون فيها، إلى الأرض وإلى ماضي الأرض.
كما تنتمي إلى بابا توثوورت الميت، الشخصية الأسطورية الذي اعتاد تلاميذ المدارس المحليين رسمه على أنه كائن أخضر ومورق، يختنق صوته بسبب الأغصان المعرشة التي تنمو من فمه، والذي استيقظ الآن بعد قيلولة مجيدة.
إنه يستمتع في الإصغاء إلى هذه القرية التي تعود إلى القرن الحادي والعشرين، وإلى سيمفونية أحاديثها: الاعترافات في حالة النشوة، والقيل والقال عند ناصية الشارع، والمحادثات الحزينة في غرف المعيشة. كما يصغي باهتمام إلى صبي ملائكي مشاغب استوطن والداه القرية مؤخرًا. ويدعى “لاني”.
مع لاني، يوسع ماكس بورتر المساحة القوية والسحرية التي ابتكرها في رواية “حزنٌ يغطيه الريش”. فتغمر هذه الرواية الرائعة القرّاء بفيض من طاقتها الفوضوية، ونسيجها الساحر الغني بالخرافة والدراما. لاني هو الدفاع المعلن عن الإبداع والروح والقوى الخلّاقة التي غالبًا ما تبدو عرضةً للانتقاد في العالم المعاصر، مما يعزز سمعة بورتر ككاتبٍ من بين أكثر الكتاب جرأة وحساسية بين أبناء جيله.