إن نشوء العلوم التي تضع أمامها بوضوح هدف دراسة المجتمعات هو ذا نفسه وجه من أوجه التطور النوعي للمجتمعات الوطنية في الدول المختلفة في هذه المرحلة التي تتميز من ضمن ما تتميز به بالتحول المتنامي لعلمنة الملاحظات الطبيعية على شكل مصادر الطاقة التي أوجدها الإنسان وزيادة متناسبة للتمايز الوظيفي. ولكن المرء لا يدرك العلاقة بين هذا التحول الناشئ حديثاً لعلمنة التفكير حول المجتمعات والتحول البنيوي للمجتمعات الوطنية التي تجري فيها هذه التحولات، إلا بعد أن يدرك التوازي بين القواسم المشتركة في التوجه العام للتطور الشامل. وقد يغيب هذا التوازي في التطور عن الانتباه بسهولة فيما إذا توجه المرء باهتمامه إلى واحدة فقط من النواحي التي يشملها التطور، كأن يلتفت إلى الناحية الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية وحسب، وهذه إحدى الصعوبات التي يقابلها المرء. وإذا كان الكلام هنا عن النهضة الصناعية أو العلمنة أو البيروقراطية أو الدمقرطة أو التأميم أو التمدن أو أية مفاهيم أخرى يستخدمها المرء للإشارة إلى التوازي في التحولات البنيوية، فلا بد من أن يبرز المرء وجهاً معيناً ويميزه عن الأوجه الأخرى. وليست أدواتنا في التعبير عن المفاهيم في الوقت الحاضر على درجة متقدمة من التطور نتمكن عبرها من التعبير عن التحول الشامل في المجتمعات الذي نتناوله هنا، وبالتالي لا يمكن إدراك العلاقات بين الأطياف الخاصة العديدة.
صياد الأساطير
0.00$
المؤلف: | نوربرت إلياس |
دار النشر: |
دار الحوار للنشر والتوزيع
|
نفذت الكمية
التصنيفات: دراسات و أبحاث, علوم و ثقافة عامة, فكر وفلسفة وعلم نفس
الوسوم: دار الحوار للنشر والتوزيع, صياد الأساطير, نوربرت إلياس
منتجات ذات صلة
فكر وفلسفة وعلم نفس
0.00$