حاولت مراراً أن أنسى ، ولكن ، يصعب إدراك النسيان مع وجود تلك الصناديق الصغيرة السحرية المقفلة بداخلنا . تلك الصناديق التي تحوي كل ذكرياتنا ، حلوها ومرها ، قديمها وحديثها ، مهما بدا لنا نانسيانها ، تبقی دفينة في أعماقنا ، محتفظة بأدق التفاصيل ، في قلب ذلك الصندوق المحكم الإقفال ، والذي لا نملك مفاتيحه بأيدينا ، بل أن مفاتيحه تحلق حولنا في كل مكان من دون أن نشعر بها . قد يكون المفتاح أغنية ، نسمعها صدفة ، تفتح صندوق الذكريات ، لا تأخذنا للماضي ، بل تحضر الماضي بتفاصيله حيث نكون. قد يكون المفتاح عطراً، يحاصرنا في مكان ما ، يذكرنا بأصحاب العطر ووقت وجودهم ،تغزونا روائحهم، وتحاصرنا أصواتهم ثم سرعان ما نجدهم ماثلين أمامنا سالكين أقصر الطرق من مدن الماضي المختلفة إلى عاصمة الحاضر. قد تفتح صناديق الذكرى بسبب درجة حرارة معينة يستشعرها الجسد مع تغير فصول السنة ، حين يطرق الشتاء الأبواب تبدأ أجسادنا بالبحث عن أولئك الذين يشعروننا بالدفء . قد تنثر الصناديق محتوياتها حين تطأ أقدامنا أماكن مألوفة ، لم يتغير بها شيء ، كل شيء حاضر ، إلا الزمن والأشخاص الذين تخلفوا عن الحضور .
منتجات ذات صلة
قصص و روايات عربية
0.00$
قصص و روايات عربية
0.00$
قصص و روايات عربية
0.00$