سانتا ايفيتا – توماس ايلوي مارتينيث .
هذا العمل عن ايفيتا، سانتا ايفيتا، ايفا دوراتي بيرون .
سيدة الأرجنتين الأولى – زوجة الرئيس خوان بيرون .
حقيقة لا أعرف الكثير عن هذه الأسطورة الأرجنتينية، والتي اعتبرها شعبها قديسة،
ولفترة طويلة كنت اخلط بينها وبين زوجة بيرون الأخرى (ايزابيلا بيرون) والتي كانت رئيسة لـ لأرجنتين في السبعينات .
أكتب هذه المراجعة الآن وأنا اشاهد وثائقيًا عن حياتها، استمتعت بقراءة عمل توماس ايلوي ولكن رؤية ايفا وهي تلقي خطاباتها الموجهة للشعب على الشاشة والتي قرأتها كان هذا شيئًا مذهلًا .
على خطين متوازيين وعلى التوالي، تسير أحداث الرواية وهو ما لا تكتشفه لـ لوهلة الأولى :
الجزء الأول؛ عن حيَاة إيفا، يتقصى توماس ايلوي مارتينيث فصول حياتها بأدقّ التفاصيل، هذا الجزء يبدأ من النهاية، من وفاتها ثمّ كيف تحولت ايفيتا لأسطورة حيّة وكيف أصبحت معبودة الشعـب وكيف تزوجت الكولونيل بيرون و لاحقًا بداية حياتها كممثلة وهكذا حتى نصل إلى طفولتها المبكرة .
الجزء الأخر من الرواية هو ما حدث بعد وفاتها، وتحنيط جسدها وعرضه على العامة وبعد الانقلاب العسكري، وهرب بيرون وكيف تصارع الجميع من أجل الحصول على الجثة، في هذا الجزء نتتبع مذكرات كولونيل أوكلت إليه مهمة التخلص من ايفيتا ودفنها بعيدًا، كان رئيس مخابرات الحكومة الجديدة، الكولونيل الذي كان يترنم دائمًا بقصيدة تشيزاري بافيزي : “سيأتي الموت وستكونً له عيناك”.
تحول بسبب هذه المهمة إلى مجنون ومهووس بإيفيتا ويخشاها بذات الوقت، وكانت تتذبذب مشاعره بين الكره الشديد والحب العنيف، كان يخطط لطريقة حتى يتخلص من جثتها ولا تقع أبدًا بين يدي مؤيديها ومؤيدي زوجها،
ايفا، ممثلة وسياسية بالفطرة، ذكية ومقدامة وحافظت على استقرار حكم بيرون، وناضلت بقوة من أجل المرأة الأرجنتينية وحقوقها الاجتماعية والسياسية- ولا ننسى أن هذا كان في الأربعينات وفي بلاد مثل كثير من دول العالم (حينها) لا تعترف بدور المرأة ومن هنا نعرف مدى شجاعتها ..
كانت محسنة، ومحبوبة من قبل البسطاء والفقراء، لكن ليس من المجتمع المخملي في الأرجنتن، أولئك الذين احتقروها ورأوا أنها متسلقة وأميّة وغير لائقة بمنصب السيدة الأولى .
ايفا التي ينسب إليها قول : “سأعود وسأكون ملايين “، اخترعت أسطورتها الخاصة وعاشت على هذا الأساس .
هناك شيء جذاب حول هذه المرأة، ربمَا هو الغموض والغرابة التي تحيط بها وربمّا لأنها
ماتت شابة (كانت في الثالثة والثلاثين من عمرها حين ماتت) كانت كـ نجم أفلَ في عزّ سطوعه .
يلاحق توماس ايلوي قصّة ايفا عبر جمع خيوط حكايتها والحديث مع من عرفوها عن قرب وأولئك الذين عاصروها، وبخلط الخرافة بالوقائع ويكتب كلّ هذا بشكل ساحر..
في النهاية ماذا نتذكر وماذا ننسى، تتحول القصص وتضيع بفعل الذاكرة وتتشوه وحتى يختفي الفاصل بين الحقيقي والمتخيل..
أنهيت الرواية وأنا أسأل نفسي: كبف تركت هذه الرواية على الرف طوال هذا الوقت؟
“بعض الكتب هي التي تختار وقت قراءتها”، على ما يبدو هذه المقولة حقيقية .