“… الأسفار ثلاثة لا رابع لها، أثبتها الحق عز وجل، وهي سفر من عنده، وسفر إليه، وسفر فيه، وهذا السفر فيه هو سفر التيه والحيرة، فمن سافر من عنده فربحه ما وجد وذلك هو ربحه، ومن سفر فيه لم يربح سوى نفسه، والسفران الأولان لهما غاية يصلون إليها ويحطون عن رحالهم، وسفر التيه لا غاية له…
ثم إن المسافرين من عنده على ثلاثة أقسام: مسافر مطرود كإبليس وكل مشرك، ومسافر غير مطرود لكنه سفر خجل كسفر العصاة لأنهم لا يقدرون على الإقامة في الحضرة مع المخالفة للحياء الذي غلب عليهم، وسفر اجتباء واصطفاء كسفر المرسلين من عنده إلى خلقه ورجوع الوارثين العارفين من المشاهدة إلى عالم النفوس بالملك والتدبير والناموس والسياسة.
ثم المسافرون إليه أيضا ثلاثة: مسافر أشرك به وجسمه وشبهه ومثله ونسب إليه ما يستحيل عليه… ومسافر نزهه عن كل ما لا يليق به… ومسافر معصوم ومحفوظ…
وأما المسافرون فيه فطائفتان طائفة سافرت فيه بأفكارها وعقولها فضلت عن الطريق ولا بد فإنهم ما لهم دليل في زعمهم يدل بهم سوى فكرهم وهم الفلاسفة ومن نحا نحوهم، وطائفة سوفر بها فيه وهم الرسل والأنبياء، والمصطفون من الأولياء كالمحققين من رجال الصوفية…”.