هناك فكرة تبادر إلى ذهن حتى المسافر الأقل انتباهاً ، منذ أن يخطو خطواته الأول في مصر السفلى هذه حب راكم النيل ، منذ أزمنة سحيقه ، طمية بطبقات دقيقة ، إنها فكرة الحميمية العميقة التي تجمع الفلاح المصري بأرضه ، فيغدو مناسباً وصفها بأنها علاقة راسخة : هو يخرج من هذا الطين الذي يمشي فيه ، وهو مصنوع منه ، ولا يكاد ينتزع نفسه منه . شأنه مع أرضه شأن الطفل مع ثدي المرضعة ، يقلبها ويعصرها كي يجعل حليب الخصوبة ينبجس من هذا الضرع الأسمر … يبقي الفلاح المصري في أرضه إلى أبد الأبدين منتبهاً إلى أدنى ما تحتاجه جدته العريقة ، أرض کيمي السوداء .