كنت منغمسة في قراءة ما يدور على مسرح القصيدة العربية من أحداث يختفي بعضها أحياناً وراء الكواليس حول تلك القصيدة كحديث عن لقيطة على قارعة الشعر. وكان الأمر لا يعنيني أنا التي بالكاد صدقت أنني شاعرة، وهو يقين تزعزع بعد ذلك كثيراً، أعني بعد كل قصيدة كتبتها لاحقا كانت هناك لبنة تسقط من ذلك الجدار الذي كتبت عليه لافتة “شعر”، منذ أن كنت في الثانية عشرة من عمری.
بدأت شاعرة وانتهيت لا شيء.
تتزايد القصائد ويتوالى صدور المجموعات الشعرية ولكن يقيني بالشعرية هو الذي يقل. كذلك اللغز الرائج حول الشيء الذي كلما زاد نقص، فتكون الإجابة أنه الحفرة، ولا حفرة أكثر عمقاً من القصيدة. أو كذلك القول الذي يردده كل من يحضر مجلس عزاء ويجد نفسه مضطراً لتعزية أهل الراحل، فيردد مع المرددين الحزاني قائلاً أن “كل شيء يبدأ صغيراً ويكبر، إلا الحزن الذي يبدأ كبيراً ويصغر”، وهكذا كانت قصيدتي، أو اعترافي بها. لقد بدأت قصيدة كبيرة أو على الأقل، وفقاً للحظات التواضع الطفولي، أنها بدأت قصيدة، لكنها صغرت
كثيراً وتدريجياً حتى لتختفي بين يدي الآن، ولا أكاد أبين.
من أين يجيء الشعر؟