الصوفية في دين رابع، كما يراها أتباع ومريدو جلال الدين الرومي وملهمه شمس التبريزي، ومن هذا ينطلق هذا الكتاب ليستكشف عالم التصوف والمتصوفة، كاشفا الأستار عن جنائن الأسرار، وهذه الطبعة (وأحسب أنها الطبعة السادسة عشرة) هي الأكثر تنظيماً ودقة بين تلكم الطبعات (وأغلبها مقرصنة للأسف)، حيث خضعت لأكثر من محرر، ولأكثر من مراجع، وأضيفت لها مقدمة تعريفية.
الكتاب صغير الحجم، عميق المضمون، منفتح الآفاق، معرفي الأبعاد، يثير في نفس القارئ منذ البداية شوق الولوج الحر لعالم العشق الإلهي كما يراه أهله.
إنها سياحة أدبية، فكرية، روحية في تاريخ العالم العربي والإسلامي خلال القرن الثالث عشر الميلادي، ومن يسافر خلال هذه السياحة لابد أن تتداعى لخاطره “قواعد العشق الأربعون” للتركية أليف شفق، فيفهم لماذا يمر الطريق إلى الحقيقة من القلب لا من الرأس، ويتعلم أن دراسة الله ممكنة من خلال كل شيء وكل شخص في هذا الكون، وأن معظم مشاكل العالم تنبع من أخطاء لغوية ومن سوء فهم بسيط.
في هذا الكتاب بعض أشعار الرومي وشذرات من تأملاته وكتاباته الصوفية التي دون أغلها باللغة الفارسية وبعضها بالعربية والتركية، فتركت تأثيراً واسعاً في العالم الإسلامي. وقد تجدد الاهتمام بمعارف وتأملات وكتابات واشعار “مولانا” جلال الدين الرومي في العصر الحديث حتى أن بعض أعماله قد ترجم إلى كثير من اللغات الحية.
هذا الكتاب، يسلط ضوء النهار على “مولانا” وهو يدور عاشقاً متجليا في قلوب محبيه، ويكشف لمن يرومون معرفته جوانب من فكره ووعيه وكتاباته لم يكشف عنها في السابق.