إن الشيء الوحيد الذي أحاول دائمًا مساعدة الناس على فهمه هو أن هناك وصفة لكل شيء: الوصول للثروة، وإنقاص الوزن، وتحقيق النجاح، وصناعة الكعك … كل شيء بالفعل! إذا كنت تعتقد أن قصص النجاح العظيمة للمليارديرات الرواد في عصرنا كانت بسبب أنهم كانوا أطفالًا مدللين ورثوا ثروات ذويهم أو بسبب حظهم السعيد والفرص التي أتيحت لهم على طبق من فضة، فيحسن بك التفكير مجددًا. فالقليلون منهم فحسب هم مَنْ كان لديهم بعض الحظ، بينما لم يحظ معظمهم بشيء على الإطلاق، ولكن إليك ما يلي: لم ينتظر أي منهم إلى أن يصير لديه كل شيء أو إلى أن يحين الوقت المناسب. إنهم ببساطة استخدموا ما لديهم في تحقيق أقصى استفادة ممكنة، وكانت النتيجة أن صار لديهم أفضل الأشياء. يكمن سر نجاحهم في طريقة تفكيرهم وثقتهم بأنفسهم، لا في المال أو الظروف؛ فقد وضعوا ما يريدون نصب أعينهم، واتبعوا المذكور في وصفة النجاح، وبكل بساطة لم يستسلموا.
هناك سوء فهم شائع وهو الحاجة إلى أن تكون لدينا خطة كاملة قبل اتخاذ أي خطوة، ولكن تجربتي علمتني أن كل ما علينا القيام به هو اتخاذ خطوة واحدة إلى الأمام، واحدة فقط.
عندما أذكر ذلك في ندواتي الخاصة بالتنمية الذاتية، فإنني دائما ما أشبه تلك الرحلة بصعود سلم حلزوني، حيث لن يتكشف لك ما ينتظرك إلا مع استمرارك في المسير. أهي صورة نمطية؟ ربما، ولكنها صحيحة، فأنت لن ترى الخطوات العشر القادمة بشكل مسبق، بل سيقتصر الأمر دائمًا على رؤية خطوة واحدة في كل مرة، لذلك يحسن بك اتخاذها بصرف النظر عن مدى البساطة التي قد تكون عليها. إنني أعتقد حقًّا أن هذا هو ما يعوق الناس عن اتخاذ قفزات كبيرة في عالم ريادة الأعمال. فطبيعتك البشرية تجعلك ترغب في التحلي بالسيطرة الكاملة وحماية نفسك من المخاطر القادمة، لذلك وبطبيعة الحال يشعر بعض الناس بعدم الارتياح من عدم قدرتهم إلا على رؤية خطوة واحدة مقبلة في أي وقت؛ ولكن لا تدع هذا الانزعاج يردعك.
في عام ٢٠١٤، كنت أدير صالة ألعاب رياضية في غرب أيرلندا، وعلى الرغم من أنها كانت تعتبر مجرد مشروع صغير في مجال اللياقة البدنية، فلقد استطعت أنا وعدد آخر من المدربين جلب أكبر فريق في العالم إلى سباق للمغامرين في دبلن وجمع تبرعات بقيمة ١٦٥ ألف يورو إثر ذلك. بدأ كل شيء كفكرة، فكرة مجنونة في الواقع، طرأت لي وطرحتها دون أن أعلم كيف سنتمكن من تنفيذها. إنما عقدنا العزم وأعلنا عن هذه الفكرة، وبعد أن اتخذنا تلك الخطوة الأولى، بدأت الأمور تتتابع وتتشكل. إذا كنا قد تركنا أنفسنا فريسة للقلق بشأن النتيجة النهائية قبل أن نبدأ، لم يكن الأمر ليحدث. لو كنا قد تركنا أنفسنا نرتدع بسبب الانزعاج الطبيعي الذي يصاحب الشروع في تنفيذ مثل هذه الفكرة الطموحة، كنا سنزال حتى اليوم جالسين نحاول وضع خطط بحيث تغطي كل ما يمكن تصوره وكل خطب كان يمكن أن يحدث؛ ولكننا عوضًا عن ذلك حددنا هدفنا، ووضعناه نصب أعيننا، واتخذنا الخطوة الأولى، وبدأنا.
وبالمثل فإنني في رحلة قمت بها مؤخرًا إلى نيبال التقيت رجلًا يريد بناء مستشفى للأطفال المصابين بالسرطان؛ حيث كان ابنه قد انتصر على هذا المرض، ولكن للحصول على ما يلزم من علاج، كان عليهما السفر ذهابًا وإيابًا إلى الهند. وقد أراد الرجل بناء مستشفى في نيبال حتى لا يضطر الآخرون إلى السفر مثله، ولكنه كان متخوفًا تمامًا، فلقد كان يتطلع بخوف إلى النطاق الهائل للمشروع بدلًا من اتخاذ الخطوة الأولى، ما أربكه وجعله غير متأكد من أين يبدأ. وقد أخبرته بأن خطوته الأولی تتمثل في الاتصال بالمستشفی في الهند والتحدث إلی طبیب أو مستشار هناك حول خططه، ومن شأن ذلك أن يؤدي به إلى الخطوة التالية. ولا أشك للحظة في أنه سيحقق هدفه في النهاية، ولكن كل شيء يجب أن يبدأ بتلك الخطوة الأولى، وإلا فإنه لن يحدث شيء على الإطلاق.
إنني أؤمن تمامًا بالشعار الذي وضعته في المقدمة: عندما تبدأ في ترك العنان لأحلامك الخلاقة والتصرف بناء عليها، سوف تكتشف منظورًا جديدًا كليًّا حول مدى الروعة التي يمكن أن يصبح عليها الأمر.
بعض الناس لا يصلون حتى لمرحلة الأحلام الطموحة، ومن يصل إليها لا يتخذ الخطوات اللازمة لتنفيذها، ثم هناك الذين أقنعوا أنفسهم بأنهم لا يستطيعون المضي قدمًا بسبب الظروف. إذا كنت ضمن هذه الفئة، فإليك ما تحتاج إلى معرفته. لا يهم شعورك بأنك أقل الناس حظًّا الآن، فبإمكانك دومًا تغيير مسار حياتك إذا كنت على استعداد للسير على خطى أولئك الذين فعلوا ذلك من قبلك.
في مرحلة ما، يتعرض الأشخاص الفاعلون والمنجزون في جميع المجالات إلى المحنة الكبرى – وهو أدنى وضع يمكن الوصول إليه – واستخدامها كوقود لتغيير حياتهم تغييرًا جذريًّا. لا أحد ينجح دون الوصول إلى القاع، وأؤكد للجميع أن معظم من يتصدر قائمة الأغنياء على صفحات جريدة صنداي تايمز وصلوا إلى الحضيض مرة واحدة على الأقل؛ ولكن الشيء الوحيد الذي ميزهم عن الأغلبية كانت ردود أفعالهم على ذلك الوضع. لا يمكنك استبعاد تأثير هذا العامل على نجاحهم لاحقًا.