ليس هدف هذا الكتاب أن يكون جرداً للمناهج، ولا نظرة شاملة على تيارات النقد الأدبي، بل إنه يقدم نفسه بالأحرى على أنه تمهيد للقراءة الشخصية للمتون النقدية وتأهيل لمواجهة الأسئلة التي يطرحها النص الأدبي على النقد.
لقد جرت العادة منذ أمد طويل على النظر إلى النقد باعتباره نشاطاً مصاحباً للإبداع الأدبي فحسب، بيد أن الازدهار غير المسبوق الذي عرفته أعمال نقدية كثيرة خلال القرن الماضي يُظهر بوضوح أن النقد ليس مجرد تمرين على ملكة الحُكم، ولا حتى ممارسة للشرح، بل هو بناء، إن لم يكن إنشاء للمعرفة، إذ يُبين في حقيقة الأمر أن الأدب شكل من أشكال المعرفة التي تضع تصوراتنا وممارستنا اللغوية على المحك. وفي هذا الإطار، لا يمكن فصل النقد الأدبي عن تاريخ الفكر.