لم تمر سنواته بسلاسة، هكذا أكد خلال جلستنا داخل مكتبته الخاص شمالي بنغازي، كان الوقت يشير الى منتصف الليل، جالسين بين الأرفف الثقيلة، الكتب تبدو بأغلفتها تحت الأضواء الخافتة كحرس ديكتاتوري، فيما أخذ البحر يهدر من وراء عتمة الهدوء. كان يعيد ترتيب قطع حياته منذ ولادته الأولى. تحت الضوء الخافت.
كان حديثنا. المجلدات صامته، بأغلفتها الجلدية ذات الأحرف المذهبة التي تتراقص فيها الأضواء المنسابة من الطريق عبر نافذة المكتبة أو من المصباح المتدلي من السقف الرطب للممر الجانبي الذي يقود إلى صالة القراءة، رقصات الضوء ناعمة
أخبرني بأنه عاش طويلاً، كما قال بأنه شهد الكثير، استمعت إليه، لكل كلمة نطق بها، كنا داخل شقته التي غدت مكتبة فيها ما يقارب تسعون ألف من المجلدات القديمة، حين صمت عن سرد طفولته، استمر البحر المتوسط بالحديث بعيداً، استمعت إليه أيضاً، إلى كل موجة مست تراب المدينة، موجة تلو الأخرى، تكسرت زبداً، من النافذة المفتوحة كنت أرى بضع نجيمات تضيء بكسل فوق الميناء كدأبها منذ قرون “لم يتغيّرالناس فقط، إنما أشياء كثيرة تغيّرتْ”.
منتجات ذات صلة
قصص و روايات عربية
0.00$
قصص و روايات عربية
0.00$
قصص و روايات عربية
0.00$
قصص و روايات عربية
0.00$