قطع الإنسان الحداثي أشواطا كبيرة في الدعوة إلى العقل والقطيعة مع الأسطورة وهجر الخرافة فأعلن موت الإله، وتمركز حول ذاته، ومازال يغلو في الطبيعة وينحدر في مهاوي المادية حتى نصب العلم إلها؛ لا مسلك للمعرفة إلا إياه، ولا معبود بحق سواه
لم يعد العلم الطبيعي مجرد وسيلة لقراءة الكون في وضعه المادي، وتسخيره فيما ينفع البلاد والعباد بل استحال إلى وثن يُعبد ويُحمد، ويهتف له ويُسجد؛ وهي الخطيئة التي باءت بحملها ديانة العلموية حينما زعمت أن الوجود منحصر في المادة، وأن إدراكه منحصر في مناهج العلم الطبيعي وأدواته.
فكان هذا الكتاب لتجلية التناقضات والأغاليط الثاوية في هذا المذهب، وبيان المقدمات الفاسدة التي ينبني عليها والنتائج المعطوبة التي ينتهي إليها.
يناقش الكتاب جملة من قضايا العلم وفلسفته،
ويكشف عن حدوده ونهاياته، كما يصرف النظر إلى خطورة دين العلموية وآثام المبشرين بها الذين خلعوا العمامات ولبسوا المعاطف البيضاء، وخرجوا من المعابد إلى المختبرات وقاعات الندوات كما ينهض كذلك، بتجلية المفارقات الجهيرة: إن دعوة العقلانية قد انتهت إلى الخرافة، وإن معاداة الغيب قد انتهت إلى الميتافيزيقا، وإن محاربة الأديان قد انتهت إلى أشد أنواع الكهانة والوثنية تقديس العلم الطبيعي. والحال، أن العلم ليس إلها.
العلم ليس إلهًا مقدمة أولى في نقد ديانة العلموية – محمد أمين خلال
