تنطوي الحضارة المصرية على مجموعة خصوصيات نادرة منها أنها واحدة من حضارتين أصيلتين لا سابق لهما (السومرية والمصرية)، ومنها أنها المصهر الحضاري لتراثٍ ما قبل تاريخي ثم تاريخيّ ظل ينفذُ منها وإليها من ثلاث قارات عملاقة هي أفريقيا وآسيا وأوربا، وهي بعد أن قامت بتصنيعه وفق مزاجها الفريد.
ونتج عنه هذا التركيب الخاص، الذي حمل اسمها ولونها ورائحتها وشخصيتها أصبح منطقة إشعاع كبرى قلّ نظيرها، تسرب إلى العالم كلّه وجعله يُضاء بنورها، والأهم من ذلك تلك القدرة الفريدة للحضارة المصرية على التوازن الأخلاقي وضبط الإيقاع المشترك بين كفتي الميزان الحضاري الدنيوية والدينية وجعل هذا التوازن سببًا في انسجام فريد بين هذين العالمين.