في هذه الرواية يصور هدايت شخصيات مقهورة تتداعى بحجة إرسال مبعوثين لنشر الدعوة الإسلامية في الغرب، في بلاد الفرنجة، ويعطي لتلك الشخصيات أسماء تبدو تهريجية، للإشارة إلى أن “لكل أمرئ من اسمه نصيباً”، ويأتي الزعم بوجوب إرشاد الفرنجة إلى الطريق القويم من خلال التنويع في الأساليب، واعتماد الترهيب والترغيب، وتأمين مصادر التمويل بقصد خدمة الدين، في الوقت الذي يكون الدين ستارة وقناعاً لا غير.
يستهل الراوي: الجرجيس، بتحديد سنة 1346هـ منطلقاً لأحداث الرواية، ثم ينقل بعدها صوراً لضياع المرء بين ما يزعمه وما يمارسه، بين (النظرية والتطبيق) ويسرد الحكاية في قسمين: الأول “البعثة الإسلامية إلى بلاد الإفرنجية”، والثاني: “أسطورة الخلق” يسلط الضوء على واقع الحال في مرحلة التخطيط للسفر وبث الأفكار ونشرها، وغيرها من الشعارات التي كان أعضاء البعثة الإسلامية يرفعونها، ومنها القول بوجوب التغيير الحتمي، ثم مرحلة (الصدمة) التالية حين الانتقال إلى الغرب، وتكون برلين وجهتهم، ولا تكون الصدمة محصورة بوجه محدد، بل تكون متعددة الأوجه والأشكال وتكال مختلف الشخوص، وتتجاوزهم إلى الآخر الذي يبدو غير قادر على فهم خطابهم، وهو يتعرف إلى تناقضاتهم وتصرفاتهم في بلاد الفرنجة، حيث يتفرق في النهاية أعضاء البعثة بين أماكن اللهو والمتعة ويبتعدون رويداً رويداً عن عقيدتهم وقضاياهم التي يُفترض بهم أنهم جاءوا من أجلها، وينقلبون على كل ما كانوا ينادون به … ويختم الروائي سنة 1903م نهاية لمشاهداته وأحداث روايته التي يبدو أنه كتبها بأحكام مسبقة، تبدو شخصية ذاتية أكثر منها واقعية، موظفاً أفكاره وقناعاته عن الإسلام في قالب فني روائي لا يخلو من الغلو وللقارئ الحكم في نهاية الأمر.