بعد فترتيه كقنصل عام في مصر في عهد الخديوي إسماعيل، ثم أول مندوب سامٍ عقب الاحتلال البريطاني، لا يتوقف اللورد كرومر عن طرح الأسئلة. يصل إيفلين بارينج إلى مصر هذه المرة بعد أن ساهم بحنكته السياسية في تولية الأمير عباس حلمي عرش البلاد بعد وفاة أبيه الخديوي توفيق، يتغلب كرومر على عائق السن لاجئًا لحيلة التقويم الهجري، في سعي توسم أن يُكلل بشراكة ناجحة مع الخديوي الجديد. لكن الأزمات التي أحدثتها الحرب العظمى، وشخصية عباس المختلفة عن أبيه، دفعت اللورد كرومر للاصطدام تارة بالخديوي الجديد، وتحذيره برسائل مبطنة تارة أخرى، حتى أُعلنت الحماية البريطانية على مصر وسارت الخريطة السياسية مسارً جديدًا.
إيفلين بارينج، المعروف في الشرق الأوسط بلقبه لورد كرومر، هو أول مَن حاز لقب إيرل على مدينة كرومر في الريف الإنجليزي. ولد عام 1841 وتوفي عام 1917. شغل منصب القنصل العام البريطاني في مصر خلال عام 1879، وكان من المراقبين الدوليين الذين شاركوا في مراقبة الوضع المالي المصري في أواخر عصر الخديوي إسماعيل عام 1876، ثم عاد إلى مصر ليشغل منصب المعتمد البريطاني في الفترة من 1883 وحتى 1907. شارك بارينج في رسم خريطة الحياة السياسية في مصر لما يزيد عن ثلاثة عقود، عاصر خلالها ثلاثة من أبرز حكّام الأسرة العلوية.