مذكرات صلاح نصر العام الحزين

حقاًَ لقد كان عاما حزينا وهو الاسم الذي أطلقته على هذا الجزء من اوراقي . لقد انقضى على الأمة العربية عامة وعلى مصر خاصة انقضاض عاصفة هوجاء تقتلع في طريقها كل شي .. عاصفة لا تترك وراءها سوى الدمار والهلاك دمار الحياة وهلاك النفوس. على أنني حينما أتحدث عن العام الحزين أجد لا مندوحة من اتباع سبيل الاختيار والانتقاء للموضوعات ، والابتعاد عن أسلوب الجمع وحشر التفاصيل غير الضرورية ، فأحداث عام 1967 وموضوعات متشبعة متعددة قد بكتب في كل منها عدة مؤلفاته. وهكذا أجد نفسي في هذا الكتاب مهتما بإبراز الجانب السياسي للأحداث ، ولم أعرض للمسائل العسكرية والاقتصادية إلا بالقدر الذي يربط الأحداث ويعمل على اكتمال صورتها ، وقد حرصت على أن أدون الأحداث التي عاصرتها كما وقعت أمام عيني تماماً متحريا الدقة في العبارات ، ومن ثم لم أحاول أن أغير من نص العبارات الي نطق بها أصحابها ، حرصاً على أمانتي في النقل و فجاءت بعض هذه العبارات في لغتها الدارجة . وقد يبدو للقاري أني استرسلت في الحديث عن دور المخابرات العامة في حرب يونيو 1967 ، وعن دورها بعد وقف العمليات الحربية . واستميح القارئ عذراء فربما كانت هناك دوافع وراء هذا الإسهاب النسي ، وهي محاولتي دحض ما أثير من إفك وزيف حول دور المخابرات العامة في الحروب . ولذا لم أجد ما يخرس وألسنةالمنافقين والمدلسين وتجار الورق سوى تسجيل الحقائق الموثقة التي ستبقى دائما بعد انحسار موجه الإرهاب الفكري الذي تزعمه أهل النفاق والعمالة. وقد يظن البعض أنني أحاول الإساءة إلى أحد ، أو اني اشايع آخر نتيجة ذكر بعض الحقائق التي تظهر الأخطاء . وهذا أمر بعيد عن نفسي كل البعد ، لمر پراود عقلي قط ، فما أبغض حدیث المنافقين على نفسي ، وما أمقت عبادة الفرد إلى قلبي. لقد حوت هذه الأوراق كثيرا عن جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر .. وكانا رحمهما الله . بالنسبة لي . زميلى كفاح ورفيقي سلاح ، فضلا عما كان يربطنا من وشائج صداقة وإخاء ، ما زالت وسأظل حريصاً على الوفاء لذكراهما ، بعد أن رحل الرجلان عن عالم الأرض . وإذا كانت الخصومة السياسية قد اشتدت بين عبد الناصر وبيني في حياته ، وبالرغم من اختلاف معه حول بعض المسائل ، فهذه الأمور بعيدة كل البعد عن موضوع هذا الكتاب ، وعن تلك الموجة التي ركبها بعض النهازين للحط من شأن عبد الناصر والتشهير به وبثورة 23 من يوليو.