هناك ترابط وثيق بين حياة الكاتب وأعماله الفكرية، حتى وإن كانت هذه الأعمال “بنت الخيال”، كما يقال. إذ لا بد من أن لها، أو من ورائها، في هذه الحالة، صلة ما بمعايشات الكاتب، أو قراءاته، أو التهويماته” الخارجة على الواقع بدافع الهروب منه، أو تطويره، أو تغييره بما يتخيله الكاتب.
ومن هنا، فإن التجربة الأدبية انعكاس الحياة الكاتب كلياً، أو جزئياً، أو هي النظير الأدبي لها، بتعبير آخر. وقد يكون هذا الانعكاس مباشراً، وقد يكون استلهامياً، أو مجازيا يستخدم فيه الرمز، واللاشعور، وغيره عند سؤال الشاعر الفرنسي بول فاليري حول الحالة المثالية التي يتفرغ فيها للكتابة ، قال هناك فرق بين أن نفكر في شيء ونحن تمسك القلم، وبين أن نفكر به دون ذلك، وقد كان المطبخ هو المكان المناسب الذي يكتب فيه وليم فوكنر كتبه : كنت أفضل أن أبقى في منزلي، في مطبخي مع كتبي وعائلتي من حولي، ويداي تلاعبان الأوراق”.
كان فوكنر يمضي ساعات طويلة بين القراءة والكتابة أمام طاولة صغيرة أهدتها له أمه، حيث يستيقظ في الرابعة صباحاً، ينزل من غرفته الكائنة بالطابق الأول من البيت ويجلس الى الطاولة المزدحمة بالكتب والأوراق، يجب ارتداء ملابسه الكاملة وهو يكتب يفتح النافذة المطلة على الحديقة، يبقى لساعات طويلة منغمساً بما يسميه مهنة الكاتب.
يحرص على الاحتفاظ بخصوصياته، وكازانوفا، المعروف بمغامراته النسائية الشهيرة حين يؤرخ، فإنه يؤرخ أحداث مغامراته تلك والنساء اللواتي عرفهن بالتفصيل، ومن دون تورية، أو ترميز. وقريب من ذلك ما فعله تشيخوف في كتابه (جزيرة سخالين)، الذي سجل فيه مشاهداته، وانطباعاته، وأحداث زيارته لهذه الجزيرة، وذلك مختلف بالتأكيد عما في قصصه ومسرحياته من شخصيات، وأحداث، وأفكار، ربما كان بعضها واقعياً، أو نصف واقعي، أو ربما هي مجرد تداعيات الملامح أو مواقف معينة، أو خواطر طرأت للكاتب وبني عليها ما أراد التعبير عنه في شكل قصصي.
كيف كانوا يكتبون؟ تجارب الكتاب في كتاباتهم من شكسبير إلى هاروكي موراكامي