حتى إذا سألته : وما البحرين ؟ قال : « إذا كنت تقصد البحرين عندنا ، فهي التي إن بدأت في رأس عمان فلن تنتهي عند نهر البصرة ، وإن كل ما بينهما فضاء مزيج بين الوقت و المكان ، سوف يشمل أقاليم ساحل البحر وداخل الجبل ، ويطال هجر والاحساء جميعها . غير أن هذا كله لم يكن ليعني شيئا عندما نهم نزوحا عن مكان أو نسعى رحيلا إلى مکان ، فالبحرين هي الآفاق التي تستعصي على التخوم وتفوق الوصف فإذا انتهى بنا الزمان إلى هذا اليوم وسمعنا أن قوما ، في جزيرة صغيرة إلى هذا الحد ، قد طفقوا يزعمون نسبة شاعر إلى بلد محدود ، من أجل اختزال حقبة شاسعة من التاريخ في فرسخ من الجغرافيا ، ويقيمون السرادقات والمهرجانات بوصفه شاعرهم فحسب ، لعمري إنني لن أصادف خبرا أكذب من هذا . فكيف تسنى لهم حبس حلم شاسع مشحون بالروح والتجربة في وهم ضئيل الدلالة ، بائع المعرفة ، شاحب المعنی ؟ فإذا سألوك عن البحرين ، قل لهم ، إذا هم رأوا ذلك المكان رحباً شاسعاً مفتوحاً متصلاً متواصلا بالشكل الذي رأيناه ، فسوف يصح لهم الظن بأن بلادا تتجاوز البحرين لتصير بحاراً كثيرة ، فيها من الشعر ما يكفيها ، وتزداد بحرا كلما استيقظ في زرقتها شاعر جديد . وإذا كنت تعني أرضا مجزأة ممزقة أمضيت عمري القصير أرفوها بالشعر شلوًا شلوًا ، وأخيط فتوقاً سحيقة فيها ، أنشد في جبال عمان فيسمعني أهل البصرة . إن كنت تعني أقاليم مقسمة سهرت أزكيها بكلماتي ، وأمشي في عطر لياليها بالنخل و الورد واللؤلؤ ، إن كنت تعني حدود الأفق ذاك .. فذلك بيتي »
منتجات ذات صلة
أدب و شعر ونصوص
KWD 3.00
أدب و شعر ونصوص
KWD 2.50
الكتب العربية
KWD 3.50
الكتب العربية
KWD 5.00