في مملكة الضحك يحاول خضير فليح الزيدي فهم جزء مهم من الثقافة الشعبية في العراق عن طريق الفكاهة والنكتة والضحك، هذه النصوص التي لا تعتبر قصصًا قصيرة ولا مقالات متفرقة وانما هي دراسة اجتماعية عن تكوين الشعب العراقي.
يقال إن الشعوب العميقة هي شعوب ساخرة دائما. قالها لي أحدهم ذات يوم. وها أني أتذكرها بينما أقلّب هذه الفصول الرائعة من رحلة الزيدي “رحلة من باب المعظم إلى مستودع الهههاي” كتاب خضير فليح الزيدي العميق، وهو الأهم في نزول إلى عمق الثقافة الشعبية بكل الالتباس الذي يرافقها ومخاطر الانزلاق إلى الأماكن الخطرة في هذا النوع من السرديات الفريدة.
يحفر الكاتب بإزميل خاص ، نادرا ما يصادفنا مثله يحفر في روح تبدو في الظاهر متهكمة، لكنها في الجوهر تشعر القارىء بالألم من فقدها للمباهج، ولهاثها الدائم خلف حاجاتها الضرورية. خلف فكاهة أبطال الزيدي في هذه الرحلة، ثمة بكاء وأحلام مقتولة ندوس على جثثها كل يوم ونحن نجتاز المناطق المنسية من باب المعظم حتى الباب الشرجي بما تمر عليه في “سوق الهرج” وشارع الرشيد والخيام وبقيه مسارات رحلته. إنها اللذة في قراءة مملكة المهمشين الساخرين.