الحرب في جوهرها هي عنف منظم، لكن المجتمعات المختلفة تخوض أنواعًا مختلفة من الحروب. يخوض البدو الحرب المفتوحة، ويهاجمون القبائل الأخرى عندما يمتلكون إمكانيات التفوق وينسلون بعيدا في المساحات المفتوحة الشاسعة عندما يفقدونه. بينما تحتاج المجتمعات الزراعية المستقرة إلى الجدران والتحصينات. تتغير قوى الحرب وتتكيف وفقا لظروف المجتمع، والعكس صحيح إذ تؤثر التغيرات التي يشهدها المجتمع على طبيعة الحرب. اعتقد الإغريق القدماء أن على المواطنين واجب الدفاع عن مدنهم. وقد أدت هذه المشاركة في الحرب بدورها إلى منحهم المزيد من الحقوق والديمقراطية. وبحلول القرن التاسع عشر، أتاحت الثورة الصناعية للحكومات أن تؤسس وتديم جيوشا ضخمة، كانت أكبر من أي شيء شهده العالم من قبل، ولكن هذا خلق أيضًا توقعا بين هؤلاء الملايين من الرجال الذين تم تجنيدهم بأنه سيكون لديهم القول الفصل في مجتمعاتهم. كانت الحكومات ملزمة ليس فقط بالاستماع إلى الناس ولكن أيضًا بتقديم مجموعة من الخدمات من التعليم إلى التأمين ضد البطالة. إن الدول القومية القوية اليوم بحكوماتها المركزية وأجهزتها الإدارية المنظمة هي نتاج قرون من الحروب وتصبح الذكريات وإحياء ذكرى الانتصارات والهزائم الماضية جزءا من الذاكرة الوطنية، وتحتاج الأمم إلى ذاكرتها إذا أرادت أن تكون متماسكة. يمكن لمثل هذه الحكومات المركزية، التي يرى أفرادها فيها أنهم يشكلون جزءًا من كل مشترك، أن تشن حربا على نطاق أوسع ولفترة أطول بسبب تنظيمها، وقدرتها على استخدام موارد مجتمعاتها وقدرتها على الاعتماد على دعم مواطنيهم. إن القدرة على شن الحرب وتطور ونمو المجتمع البشري هما جزء من نفس القصة.
الحرب:كيف صنعتنا النزاعات والصراعات؟
0.00$
المؤلف: | مارغريت ماكميلان |
دار النشر: | دار العالي للنشر والتوزيع |
متوفر في المخزون
التصنيفات: الكتب العربية, دراسات و أبحاث
الوسوم: الحرب:كيف صنعتنا النزاعات والصراعات؟, دار العالي للنشر والتوزيع, مارغريت ماكميلان
منتجات ذات صلة
الكتب العربية
0.00$
دراسات و أبحاث
0.00$