من المعروف أن المستقبل لا يمكن التنبؤ به. لكن المثل
العليا, بما فيها الفردية الجديدة الفاعلة والمؤثرة, فيجب
أن تتشكل إعتماداً على إمكانيات الظروف القائمة, حتى لو
كانت هي نفسها الظروف التي تشكل عصراً صناعياً تسود
فيه الشركات. فالمثل العليا تتخذ شكلها وتكتسب محتواها
حين تعمل على إعادة صنع الظروف. أما نحن وبغية أن يكون
لدينا إستمرارية التوجه, فقد نخطط لبرنامج عمل إنتظاراً
للمناسبات حين تظهر. لكن برنامجاً يتضمن غايات ومثلاً عليا
إن بقي منعزلاً عن النهج الحساس والمرن يصبح عبئاً وعائقاً.
والسبب في ذلك ان الطبيعة القاسية والصارمة لهكذا برنامج
تفترض عالماً ثابتاً وفرداً ساكناً, وكلا هذين غير موجود. بل
يعني ضمناً أننا نستطيع أن نتنبأ بالمستقبل – وهذه محاولة
تضع النهاية, كما قال أحدهم, للتنبؤ بالماضي أو في تكراره.