ينقسم تاريخ الإنسان إلى مرحلتين أساسيتين هما مرحلة ما قبل التاريخ التي تشغل 98% من تاريخ الإنسان ومرحلة العصور التاريخية التى تشغل 2% من تاريخ الإنسان.
ولا شك أن هذا البعد الشاسع بين المرحلتين، زمنياً، هو الدافع الأساسى الذى يجعلنا نتطلع بفضول إلى هذا التاريخ الطويل جداً لعصور ما قبل التاريخ الشحيحة المعلومات والتي تبدو مثل ليل طويل كان الإنسان غارقاً فيه يكافح تحديات الزوال والانقراض قياساً إلى العصور التاريخية القصيرة، ولكن المزدحمة، بأحداث وحضارات كثيرة حتى يومنا هذا، عصور ما قبل التاريخ هي، ببساطة، عصور ما قبل الكتابة منذ أن ظهر الجنس البشرى لأول مرة على وجه الأرض قبل حوالي 2.5 مليون سنة.
فهذا هو عمر عصور ما قبل التاريخ وعلينا أن نتخيل كم هى المهمة صعبة وعسيرة، لكن علماء الآثار، الذين عملوا بدأب متواصل لأكثر من قرنين من الآن استطاعوا أن يعطونا فكرة عامة جيدة عن هذه العصور، وبذلك نكون قد تمكنا من فهم الطريقة التى عاش فيها أسلافنا البشر القدماء على هذه الأرض وكيف أوصلوا الأمور إلى عتبات التاريخ الذى بدأ فى سومر فى حدود 3200 ق.م.
وتستغرق حضارة ما قبل التاريخ ما يقارب من 98% من حياة الإنسان على الأرض لكنها حضارة صامتة بلا كتابة، سعى العلماء لاستنطاق آثارها عن طريق الفحص المختبرى والتفسير العلمي والعقلي و التأويل ووصلوا إلى نتائج مهمة، ولن نبالغ إذا قلنا أن بدايات كل شيء من ديانة وفنون وثقافة وعلوم تكمن جذورها في هذه الحضارات، ويأتى هذا الكتاب بشروحه المفصلة لعصور وثقافات ما قبل التاريخ ووضعها في سياق تطور وتصنيف دقيق لها ومعطياتها الأثرية الجديدة ليعيد بناء وشرح زمنها الطويل فى نقاط أساسية وخالية من الإيهام.