للكلمة إسراء.. للكلمة روح.. وللكلمة شهوة.
أحرف ذات صوت تنبع من مركز صارخ بالصمت، تخرج من بؤرة منسية. ويُسرى بها من فكرة مقدسية، فتجامع الأحرف أجساد الأفكار، ويحدث سجال ازلي بين الأقدار، ثم تتوازن على حافة الاحتضار، فيخبو فيها بريق الإشهار فتصمت عوالم النفس. وتشتد عواصف الغمس وتحترق آبار الرجس وتفور شهوة اللمس.
عند تلك اللحظة الآنية نمسك بزمام الأحرف ويتوقف الزمان وتتجمد المشاهدات ويتباطأ الفكر وتصير الشهوة مجموعة بكلمتها، وتبني عالمها على أساس روحها. وبعلو المظاهر يكتمل إسراؤها، وتتهيأ لمعراجها خارج تيه الصمت، فتتنزل من الكيان بنشوة الخروج، وترتجف الأطراف لحقيقة العروج.
فما أصدق المعاني وقد تجملت كلماتها، وحقت أحرفها، وأخبرت عن حقيقتها! ما أشهى البيان عندما يخرج على الورق، ويتزين بالحبر، ويتزخرف بالبلاغة هكذا تتجسد المعاني، وهكذا نصف الأواني، وهكذا نرشف اللحن وندندن الأغاني .
للكلمة إسراء وبعد الإسراء عروج.. وبعد العروج ظهور وبعد الظهور شهوة… وبعد الشهوة.. تكتب الرسائل.