النرجسي

ماسر النفس البشرية؟ ما أصلها وسببها وغرضها؟ ماهو المبتدأ والمنتهى لها؟
ما سر التناقض فيها ؟ وماهذا الاختلاط العجيب في فهمها؟ وماهى معادلة حبها وميراثها وزواجها ؟ ما السبب في ألامها وأمراضها وحيرتها ؟
ما علاقتها بالشيطان، وثنائية الوعي ومعادلة الوجود ورمزية الخلود ؟
هذه الأسئلة حيرت العقول منذ بدأ عصر التدوين فالنفس البشرية هى من أعقد الأمور بحثًا وسردا وشركا، ونقاط البحث فيها كثيفة وغامضة، ولهذا يظل السعي إلى فهمها هو الدافع الباطني من وراء كل عوالم الفكر والمعرفة والفلسفة التي شهد عليها الإنسان.
فلقد قضت العقول دهورها وحياتها في محاولات مثابرة لفك رموزها وفهم معادلتها، وتحضير إكسيرها. ثم اتسعت رقعة المكتبات، وازدادت سماكة المراجع العلمية، وطالت قوائم الكتب والبحوث، وبنيت الجامعات، وشيّدت
الأقسام، ولم يسفر ذلك سوى عن ازدياد التعقيد في الفهم أكثر.
فكل نظرية نفسية بها مقطع غير مفسر، ومقيد ضد مجهول، وكل حذس لنظرية مطروحة، قد قابل الغموض في شرحه ودلالته فظلت الحيرة مهيمنة في فهم النفس الإنسانية تغمرها رياح التناقض وعواصف التنافر ولهيب التجاذب. ظلت الأحلام مكثلة بسبب العجز عن فهم الألم النفسي، وظلت الأفئدة صارخة وساعية وراء ذلك الحب المنسي.
ولكن الإنسان لا يمل البحث، ولا يمل السؤال، ولا يمل التدبر والتحقق والإثبات وهذا لأنه لايمل الأمل. وفي هذا الكتاب، لن نمل الأمل، وسنسعى إلى الإجابة عن كل الأسئلة، سندقق وتبحر في عوالم فكرية جديدة. وأطروحات فلسفية عديدة، وهذا لعلنا نهتدي للوصول إلى النظرية النفسية الشاملة، التي بها تنهي حلقات الخيرة. وطلاسم الرموز، ومحافل الجدال، وبها نتواصل مع أصولنا وغيبنا وروحنا.