الصديق

في فترة الثمانينيات في كاليفورنيا، كثيرات من النساء الكمبوديات هرعن إلى أطبائهن شاكيات من المعضلة نفسها: أنهن فقدن بصرهن. كلهن من لاجئات الحرب. قبل هروبهن من الوطن، شاهدن بأم أعينهن أنواعاً من الأعمال الوحشية التي كانت ترتكبها عصابات الخمير الحمر، الذين استولوا على السلطة من عام ١٩٧٥ إلى ۱۹۷۹، الكثير منهن تعرضن للاغتصاب أو التعذيب وغير ذلك من الأعمال الشنيعة. أغلبهن شاهدن افراد عائلاتهن يعدمون أمامهن إحدى النساء لم تشاهد زوجها وأبناءها الثلاثة مرة أخرى بعد أن أخذهم الجنود، قالت إنها فقدت بصرها بعد أن ظلت تبكي كل يوم طوال أربع سنوات. ليست هذه المرأة هي الوحيدة التي بدا أنها كانت تبكي حتى ابيضت عيناها من الحزن هناك نساء أخريات عانين من فقدان البصر كلياً أو جزئياً، وبقيت عيونهن تعاني من الآلام وضعف البصر في الظل.
الأطباء الذين فحصوهن – مائة وخمسون طبيبا على الإجمال – وجدوا عيونهن سليمة ولا تشوبها شائبة، وأظهرت فحوصات لاحقة أن أدمغتهن اعتيادية أيضاً. لا أحد متيقن أنهن صادقات في ادعائهن – فهناك بعض الناس تساورهم الشكوك في الأمر، ويظنون أنهن ربما يحاولن خداعهم أو التمارض لأنهن يردن إثارة الانتباه إلى قضيتهن أو أنهن يتظاهرن بالعجز – والتفسير الوحيد لهذه الحالة يمكن أن يكون العمى المؤقت الذي له علاقة بالحالة النفسية.