عندنا في مشرحة زينهم، حيث الموت ليس فجائيًا كالأمطار؛ هو يطل عليك من منصات التشريح، من الملابس المتناثرة، من النوافذ الباكية، من العظام المحطمة، من الطرقات المختنقة بالدم. من الحوائط النابضة بالقهر. من النسوة المنتحبات المتشحات بالسواد… الموت هنا ليس فجائيًا أبدًا، بل الحياة هنا هي التي تأتي فجأة!
في حياة الناس تتكاثر الحكايات، وفي حياتنا تتكاثر الجثث. الموت مقيم داخلنا، على أسنة مشارطنا، في برودة أيدينا، مفاجآتنا، تهكمنا المر. فوضويتنا الدائمة. نعمل ونحن نعلم أن كلاً منا ميت سيلقى حتفه حتمًا بين جثتين.
عشنا أعمارنا على وجع، عابري موتى، مُسافرين دائمًا، وفي انتظار راحة السفر الأخير.
كلنا استثناء..
يستحيل أن تجد آخر يشبهنا.. فنحن أيضًا (كالموت) لا نأتي أبدًا مرتين.