أقدم هذا الكتاب عرفانا بجميلك يا الله وشكرا لأفضالك، حروفاً ملؤها الثور الذي يدل على علو مقامك، والسجود لعظمتك والإقرار بجلالك بالمن، وللنفس بالغيب والغفلة والجهالة والإغترار. وما غرها إلا سعة رحمتك، ومديد إمهالك، وصبرك، وحلمك على الخاطئين. فاقبل يا الله هذه الحروف التي علمتنا إياها، على قصور العبادة، وتردد المقصد، واجعله لكل من قرأه ودل عليه ونشره ثوابا في صحيفته، وغفرانا لزلته.
كنت كثيرا ما أضيق زرعا بانغماس البعض في عالمنا اليوم في محكات وهمية أو حكايات جانبية تستنزف وقتهم وتأكل جهدهم ولا تزيدهم من الخير إلا بعدا. على أنها تُضري بينهم العداوة والبغضاء وتصدهم عن ذكر الله، وعن العلم بالله، ذلكم العلم الذي تستقيم به حياتهم وتصلح به عباداتهم ويفوزون به في آخرتهم. فرأيت أن أعظم ما يزجر عن ذلك هو غمسهم في بعض الفصول التي تتحدث عن المعاني التي علمنا الله إياها والتي لا يملكون التقليل من شأنها ولا الغض من قدرها ، وكان موضوع (علمتني انا الله) رأس هذه الفصول وأساسها.