هناك روايات تعجبك وتدهشك لكن هناك روايات تسحرك لا تملك غير أن تحبها لاسباب منطقية او لغرابة الشعور الذي استولى عليك اثناء قراءتها ، هذه الرواية غريبة ، سرد غير مترابط تشعر بالضياع بين كل فقرة وفقرة تنتقل من الماضي للحاضر من الأموات للحي الوحيد في قسمها الأول ومن ثم تدخل عالم الأموات وفي القبر مع وحدتهم ومخاوفهم وذكرياتهم، هذا التيه يشدك أكثر تستمر في البحث عن أول القصة وآخرها ، لا ، لا يلزمك أن تدخلها بعقل يرتب الفكرة تلو الفكرة والحدث تلو الحدث هذه رواية تحررك من هذا التنظيم والتفكير المنطقي ، كل شيء يجري وما عليك سوى تتبعه بشغف، هذا بالنسبة لأسلوبها الذي اتهمه الكثير بالمعقد ولكنه ابسط ما يكون عندما تتابعه كحكايات منفصلة وفي النهاية تصلك الفكرة كاملة.
صوّر عالم يزهر فيه البرتقال والمطر يحمل طعم الفرح وعالم الخراب والهمس وعالم الموتى لا أحياء في الرواية سوى المكان الشاهد على حكاياتهم وبيدرو بارامو الذي يمثل سطوة المكان، منه البداية وإليه النهاية ، بيدرو يمثل آلهة الشر في كومالا وفي انهزامه وضعف جبروته أخرس المكان وأمات كومالا بعدما ماتت روحه بموت زوجته سوزانا، هذا الشر كله هُزم بهزيمة حبه، يقولون الألم أحيانا يصنع المجرمين والحاقدين وهكذا كان بيدرو ، وانتقموا له شر انتقام عندما حزن على وفاة زوجته فرد لهم الصاع وسكن في مكانه ، وبسكونه انتهت تلك القرية بناسها.
مشهد موت خوان كان عبارة عن تحفة ادبية عجيبة،الحكايات المشتتة وتصوير لحظات دقيقة في حياة الانسان وهي لحظات الاحتضار أعمق ما تصل إليه النفس الإنسانية نسجها خوان رولفو بتقنية سرد حديثة لا دخل له فيها لذلك تعتبر هذه الرواية فريدة ومختلفة من الناحية الفنية .
الدين كيف تمثل في الاب رينتيريا ، الحب والثورة الفوضوية ، الخوف والحزن كل شيء في الرواية وما عليك الا تتبع هذا الواقع السحري.
خوان رولفو أسقط ألمه وحياته في هذه الرواية مشاعره اتجاه قريته المهجورة او تأثره بحزن والدته على قتل والده.