عبد الحميد كِشك هو ذاك الشيخ المصري الضرير الذي أضنى السلطات المصرية كاملة من أنور السادات وحتى العسكري المأمور يقول الشيخ كشك : كان والدي يعطيني كل شهر خمسة وأربعين قرشًا بالإضافة إلى بعض الخبز والجبن الذي كنت أحمله الى الاسكندرية . ومرت الأيام سريعة وكلما انشق فجر وأضاء نهار ازدادت الظلمة في عيني .. وكأني أمشي بخطى سريعة الى سجن العمى ولما عزمت على الرحيل لأداء الامتحان كانت تراودني فكرة هزتني من الأعماق هزًا عنيفًا هل إذا ذهبت لأداء الامتحان وحدي سأستطيع أن أعود من هنالك وحدي؟ وتوكلت على الله وأديت امتحان الشهادة الابتدائية وما أن فرغت من الامتحان حتى كنت إذا أخرجت يدي لم أكد أراها وإخواني من الطلبة لم يدركوا أنني كف بصري فكنت في حرج هو أنني كيف أعود؟ وكيف أسافر؟
وهداني الله الى أن أقصد زميلاً عهدت فيه طيبة القلب أمليت عليه خطابًا وصلت الرسالة إلى والدي وعلى جناح السرعة رأيته مهرولاً كنت قابعًا في ركن من أركان الغرفة كثيبًا كاسف البال وقطع علي صمتي صوت والدي يلقي علي السلام ومد يده مصافحًا فأخطأت يدي الطريق إلى يده وبنبرة حزينة قال لي : ماذا حدث وعلى سبيل السرعة قلت له لقد أصبحت لا أرى شيئًا. فما كان منه إلا أن قال لا تحزن وسوف أعمل على علاجك حتى ولو بعت ثوبي هذا وأخذني من يدي وتوجهنا إلى بلدنا وعقدت العزم على لزوم بيتي وألا أقابل أحدًا