سألته -رحمه الله ورضي عنه- يوما فقلت؛
كيف تصل حد اليقين بالله وفي الله؟
فقال: إنما أنا عبد!
قلت: فماذا؟
فقال -رحمه الله ورضي عنه-:
إن علمت أنك عبد وأنه سيدك، وأنه متصرف فيك كما يشاء، وفي الوقت الذي يشاء،
وعلى الوجه الذي يشاء، فاعلم: أنك ملزم بالطاعة.
ثم إذا نهاك عن أمر فعلم أنك ملزم بتركه، وإذا أباح لك شيئا فاعلم أنه محض منة وفضل.
فإذا كافأك على شيء فلم يك باستحقاقك له، إنما هو محض تفضل وكرم منه تبارك وتعالى.
فإذا زاد في العطاء، زدت في الشكر.
فإذا صرفه عنك كلية، فقد كافأك بما لا تستحق مدة من الزمان، يأخذها وقتما يشاء، ويتركها لك كيفما يشاء!
فإذا أمرضك أو كتب لك الضراء، فاحمده واشكره على ما سبق من السراء،واعلم أنه أبقى لك نعما أخرى.
فإذا ضاعت عينكفقد ترك لك الأخرى! وإن ضاعت كلتاهما، فقد ترك لك باقي الجوارح!
فإن ضاعت الجوارح كلها، فقد ترك لك قلبا مؤمنا!
فإذا قبضك على هذا الحال، فقد قبضك إلى نعيم لا ينفد، وجنة عرضها السماوات والرض أعد للمتقين،
ولم تكن بعلمك أيضا؛ إنما هي محض منة وفل ورحمة منع -تبارك وتعالى-، إنما أعمالك تؤكد إمتثالك لسيدك وطاعتك له فقط!
فإذا علمت كل هذا، فكيف بمن وعدك جنة الفردوس خالدا مخلدا فيها،
وهو سبحانه غير ملزم بأن يكتب لك نعيما لا ينفد!
فالسيد الجبار المتكبر الخالق لا يلزمه شيء! إنما هو محض كرم منه وتفضل على عباده!
فإذا فهمت كلامي، فكيف أنت الآن أيها العبد؟!
۞ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) سورة فاطر