التحليل النفسي هو من أصعب الطرق العلاجية دراسة وتطبيقاً ومن هنا كانت ضرورة "التحليل النفسي-طريقة الاستعمال" فالاختصاصي النفسي وعملاؤه يحتاجون للتعرف إلى هذه المدرسة العلاجية بصورة وقائع عيادية وليس بالصورة النظرية البحتة التي تدرس بالجامعات والمعاهد النفسية. في هذا الكتاب يقوم ثمانية من المتعالجين بطرق تحليلية مختلفة بعرض تجاربهم مع التحليل النفسي. مستعرضين أسباب توجههم للعلاج وطلبهم له. ثم يذكر كل منهم نمط علاقته بمحلله وأسلوب هذا المحلل في العلاج. أخيراً يعرض كل من هؤلاء المعالجين للنتائج التي حصل عليها من خلال هذا العلاج.
هذا وقد وجد المؤلف أن عرض هذه الحالات لم يكن ليكتمل بدون إعطاء القارئ فكرة موضوعية عن منطلقات النظرية للتحليل النفسي ودواعي استعماله وطريقة هذا الاستعمال. من هنا عمد إلى تقسيم كتابه هذا على النحو التالي: أولاً ماهية التحليل النفسي-تمهيد، ثانياً: العلاجي النفسي-طريقة الاستعمال، ثالثاً: التحليل النفسي-دواعي الاستعمال، رابعاً: ثمانية حالات تحليلية، خامساً: التحليل النفسي الذاتي. إن اضطلاع القارئ على هذا الفصل الأخير ستمكنه من تكوين قاعدة نظرية، تمكنه من الانطلاق لمحاولة التعرف الأعمق لذاته ولدوافعه وصولاً إلى القدرة على اكتشاف بعض نقاط ضعفه وتخطيه لبعض الأزمات التي مر بها والتي قد لا تزال مؤثرة في شخصيته ومعيقة لسعادته.
الإنسان… محور الحياة… جبلة المشاكل والهموم… المتناقض بين الفرح والحزن، بين الإبداع والتقهقر…
ينظر إليه علم النفس نظرته الموضوعية من خلال تلك الذات المفرطة الغارقة في المتناقضات التي يؤدي انعكاسها إلى بحر من الأوهام والشعوب بالذنب، والسيرة والخنوع، والخوف المبهم والاضطراب والقلق…
مع كل ذلك، كان لا بدَّ من التحليل النفسي الذي يسعى إلى تضميد الجراح ورفع التعب المحيط بهذه الشخصية المتأرجحة منذ الطفولة…
هذا ما يقدمه الدكتور محمد أحمد النابلسي في كتابه "التحليل النفسي-طريقة الاستعمال" بأسلوب علمي وموضوعي، يعرض المشكلة ويحللها ويعيِّن مكمن الداء، لتتمّ المواجهة فتتجلَّى الحقيقة واضحة وضوح شمس نهار جليّ..