كان من أبرز نتائج المقاربة السوسيولوجية للدين أن تمّ التمييز بدقّة ما بين “دين شعبي” يتمثّل في الممارسات والتصوّرات الدينية الراجعة إلى فئات إجتماعية اعتْبرت ممثّلة “للشعب”، والمتأثرة بأوضاع هذه الفئات وبقاعها الثقافي، و”دين رسمي” أو “دين عالِم” يتمثّل في جملة من العقائد والطقوس والشعائر المنظمة والمقنّنة من قبل مؤسّسة دينية رسمية… كما اتضح أن “التدين الشعبي” مرتبط بالمقدّس أكثر من ارتباطه بالدين الذي لا يُمثِّل إلا بُنية واحدة ضمن البُنى المشكْلة للمقدس… والدين والمقدس معاً يشكلان ما يُمكن تسميته بــ “الحقل الديني الشعبي” المتكوِّن من معتقدات وتمثلات دينية ورمزية وممارسات طقسية وقيم اجتماعية ومسلكية تُمثِّل بمجموعها “رأسمالاً رمزياً” له أهميته الخطيرة في الواقع المعيش.
انطلاقاً من هذه المبادئ المعرفية، درست المؤلفة “الإسلام الشعبي” في سيرورته التاريخية المحكومة بجدلية الثبات والتحوّل، وأحاطت بجملة كبيرة من معتقداته وممارساته من طقوس وشعائر ذات المرجعيات المختلفة، كالسحر والأسطورة والدين وحتى التاريخ. كما أضاءت على ظاهرة عودة التدين الشعبي إلى الانتشار حتى في عصر العلم والحداثة والعولمة، وعلى الأسباب المؤدية إلى انتعاش الدين بمختلف تجلياته الشعبية والمؤدلجة في المجال الإسلامي، وبماذا يختلف عن الظاهرة نفسها المرئية في الغرب، وتوقفت بالخصوص عند ظاهرة تعاظم استخدام السياسة للدين، أداة صراع على الحُكم، في هذه الحقبة بالذات.