طريقان على الماء واحد على اليابسة قصائد تنزع في بنائها الشعري نحو الدرامية ، ترتبط ثيمتها بالأحداث السياسية التي مرت بها العراق سواء في الماضي أم في الحاضر ، وتقتفي أثرها على ذات الشاعر طالب عبد العزيز بما فيها من مشاعر حزن وفقد وخوف وقلق وهواجس وإنتظار .
ففي القصيدة المعنونة “السائر في جنازة رأسه ” يرسم طالب عبد العزيز ملامح شخصية الشهيد ” لاتحملوا جثتي إلى وادي السلام …الطريق إلي النجف جدٌ طويل .. دعوها رطبةٌ ، غضةٌ على الأنهار في أبي الخصيب … البلابل تسمّي الصباحات لها والدبابير أعرفها ، تمرُّ مسلّمةً …والأبقار تلطع الملح عن شاهدتي … فدعوني هنا …
وهكذا يقيم الشاعر شخصية الشهيد في لحظة دقيقة جداً ، أصعب من لحظة إختيار الموت والشهادة بإرادة واعية ، بل هي اللحظة التي تمثل المسافة الزمنية الفاصلة بين لحظة إختيار الموت وبين العالم الآخر الذي ينتظره الشهيد ويجب أن يكون فيه بعيداً عن عالم الدنيا .
وبعيداً عن عالم الحرب والشهادة تحضر في مجموعة الشاعر (بيروت) بأضوائها ومباهجها ومقاهيها فيقولها أغنية تشترك معها شخصية الشاعر برواية الخبر عنها ، القصيدة بعنوان ” النبيذ دابة لمنزلها ” وفيها يقول : في مقهى أوربنستا /ببيروت ، التي لاتذعنُ لمشيئة البحر دائماً … يستدرك الضوء من مباهجه امرأةً … بعمر ماتساقط من ندى البارحة … ومثلما ينفرط عقد من الكرز ، باذخ … امتلأت المقهى بأكمامها وأقراطها وأساورها ….
وبهذا المعنى يكون المكان وعاء للماضي الجميل ، وشعور طاغ بالحنين من جهة وإحساس مر بالاغتراب ، إغتراب الذات في خضم الزمن الذي لاينفك يجري بسرعة نحو النهائيات .
يضم الكتاب قصائد نثرية جاءت تحت عناوين الآتية : السائر في جنازه أمه ، المحمول أبدا إلى البساتين و أريكة الأسفار البعيدة ، صورة الزعيم ، الأرجوحة بين سعفتين ، صورة العائلة ، الأبواب ، وقصائد أخرى .