تهدف هذه الدراسة إلى محاولة إزالة اللَّبس عند بعض المهتمين بالسيرة النبوية بخصوص مفهوم كلٍّ من بيوت النبي – وحُجُراتُها. إذ إن البعض منهم يحسب أن البيت هو الحُجْرة والحُجْرةُ هي البيت. وفي الواقع فإن القرآن الكريم والسيرة النبوية قد ميَّزا بوضوح الفرق بين المسميين، فقد أشار القرآن الكريم إلى البيت في عدة مواضع مرة بصيغة الإفراد ومرة بصيغة الجمع.
أما الحُجْرةُ فقد كانت الإشارة إليها في القرآن الكريم مرة واحدة وجاءت بصيغة الجمع، في قولـه تعالى مستهجنًا سلوك بعض الأعراب، (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ) [الحُجُرات: 4] وهكذا فلو كان المقصود بالحُجُرات البيوت لجاء الخطاب نحو: إن الذين ينادونك من وراء البيوت. ولكن هذا الخطاب لم يحدث لأن الحُجُرات كما يبدو غير البيوت، ولا يمكن الخلط بين المسميين.
ليس هذا فحسب بل إننا نجد أن كلمة (بيت) قد وردت في القرآن الكريم تسع عشرة مرة (19)، وجاءت بصيغة الجمع أي: (بيوت) أربع عشرة مرة (14). لعل ما سبقت الإشارة إليه هنا يعطي انطباعًا قويًا بأن البيت شيء مختلف في معناه وأهميته عن الحُجْرة، وهذا يدل على ضآلة شأنها. والكتاب بمجمله عبارة عن دراسة لبيوت النبي (ص) وأزواجه وصفة معيشته فيها.