تجمع “بجعات برّية” بين حميمية المذكرات وملحميّة الرواية، لتخبرنا قصة نساء ثلاث:
يونغ تشانغ، جدة الكاتبة، المولودة في 1909 أيام الإقطاع في الصين، والتي مُنحت لأحد أمراء الحرب وجنرالاتها لتكون خليلته، فلم تستطع الهرب من قدرها هذا حتى 1932، عندما أوشك الجنرال أن يموت.
ابنتها التي ترعرعت في منشوريا في ظل الاحتلالين الياباني فالروسي. وحين اندلعت الحرب الأهلية بين الكومنتانغ والشيوعيين، انضمت إلى المقاومة السرية وغامرت بحياتها كي تهرّب الأسرار إلى الشيوعيين فتم اعتقالها. وعندما أطلق سراحها اقترنت بشيوعي مثلها، وصار الاثنان من موظفي النظام الكبار ومن أهل ثورته.
الحفيدة التي تسمّت باسم جدتها يونغ تشانغ، قضت طفولتها في أوساط أصحاب الامتيازات والسلطة، لكن وحشية “الثورة الثقافية” حملتها على التساؤل والشكّ حتى في ماوتسي تونغ نفسه. أبواها تعرضا للقهر والنفي إلى معسكرات العمل البعيدة، فجنّ والدها، وانطفأ تدريجياً ومات. أما هي، ولما تبلغ العشرين، فنفيت إلى أطراف جبال هملايا.
“بجعات برّية” يجعلنا نتوغّل في الصين، في قصورها كما في سجونها، وفي مشاهدها الجماهيرية الحاشدة كما في مقصورات النساء والخليلات الهادئة.
إنه، في آن، عمل مهم من أعمال التاريخ المعاصر، وشهادة غير عاديّة على الروح الإنسانية.