كل من صادفناهم يختارون العيش منفردين، يجيدون العزف على أوتار الوجع.
قد تختلف مصادرهم وتتعدد وتتشكل وتتلون لكن وبلا شك، مصيبة واحدة تمر بهم هي “فاتحة الوجع” هي المصدر الوحيد والمنفرد الذي برى حالهم، وصقل مآلهم، فاختاروا العيش له، والكفاح عنه، والموت من أجله.
استطاعت الكاتبة “نادية أحمد” في هذا الكتاب أن ترسم مقطوعات مختلفة من الإبداع، زيّنتها بإيقاعٍ شعريٍ جميلٍ يطرب له القارئ، وتتشنف له الآذان.
يتضح ذلك الإيقاع في أبواب الكتاب العشر وما تحتويه من فنون البلاغة المختلفة وأدوات الكتابة المبدعة.
فمن سيناريو الوداع الأخير الذي ودعتْ فيه أعز ماتملك، إلى الحنين المخلوط بالشو”ك”، وبعض الأمنيات التي لاتعدو عند الكثير منّا تخيلات بمحض المستحيل، ولم تنس أن تبعث برسائلها إلى أولئك العشاق الذين ما برحوا أن يختاروا سبل العيش لوحدهم. ولم يخلو كتابها من الثرثرة البديعة ،وتذكر أيام الصبا وشقائها، وأبوابٌ أخرى باستطاعتك أن تكتشفها حين تمرر عينيك بين دفتي الكتاب.
أبدعت الكاتبة نادية في التشبيهات والاستعارات وأوجدت حسّاً رفيعاً باستطاعتك اكتشافه سريعاً، بالإضافة إلى استخدامها أدوات اللغة المختلفة.
استمع إليها وهي تقول:”كلما اشتقتك ألتحف نفسي وكلّي. أنكمش عليّ، و أغط بسبات ألمٍ عميق.
أبكيك بصمت، وكأني أشيّع كل جنائز الكون،
و أرتّل فاتحة الوجع : “أنْ يا وجع قلبي اشتقتك”…
وفي النهاية لا يمكننا أن نقول إلا أنّ “فاتحة الوجع” تحفةٌ فنيةٌ جديرة بالقراءة