يطالعك في بداية الرواية مشهد سكوني، إذ يكون الراوي مُراقِباً لرجلٍ واقف على الشاطئ يصفُ ملامحهُ وشكله مع ذكر عناصر الخلفية المَكانية، وهي عبارة عن الحفر وبقايا من المياه الراكدة، ومن ثُمَّ ينتقلُ إلى ما يقابله وهو شخص آخر على مرمى عين الراوي، بدون أن يتبينَ شكله بالوضوح، غير أنَّه يتحركُ في مسافة مُحددة جيئةً وذهاباً، ما يوحي بانقطاعه من محيطه. يستمرُ الراوي غير الظاهر في المتابعة ونقل ما يقع في حدود رؤيته. تُضاف شخصية أخرى إلى المشهد، وهي امرأةُ جالسةُ على يسار الشاطئ، إذ لا يلتقطُ القارئ ما يشير إلى وجود التواصل بين الأطراف الثلاثة، ولا يُهمَلُ رصدُ تعاقب أحوال الطبيعة، ويظلُ الصمتُ جاثماً على المكان، وما لا يتغيرُ هو حركة الشخص الذي لا يخرجُ عن مداره، لذا ينعتُه الراوي بالمجنون السجين، وما أن تُسْمَعُ صرخة حتى ينفتحُ مجال للتواصل بين المرأة والرجل الأول، إذ بعدما تتأكد بأن الصوت وقد تناهى إلى الرجل، تسأل الأخير عن توقيت وصوله إلى الشاطئ وتعقبُ بتوضيح عن اسم المكان، مشيرةً إلى أنه هنا يدعى أس. تالا. ومن ثُم ينضمُ الرجل المُنهمك في مشيته إلى الاثنين. ويتبادلُ الكلام مع المسافر سائلاً إياه عن مكان الإقامة، ولا يبحثُ عن الأجوبة لبعض أسئلته، كأنَّ ما يهمه هو مجرد الإحساس بأنَّه يتكلم، وما يأتي بعد ذلك هو لحظة مغادرة المسافرِ والمرأة للشاطئ إلى أن تتوقف كاميرا الراوي في غرفة المسافر، وهو يراقب الليل من النافذة تختفي الأشياءُ كلها في جوف الليل الساكن، ولا يوجد ما يلفتُ الانتباه سوى محاولة المسافر لكتابة رسالة مؤرخة بـ14 سبتمبر/أيلول. أس تالا صيغتها تكشفُ أنها موجهة لامرأةٍ المطلوب منها ألا تعودَ بدون معرفة هويتها والمكان الذي من الأفضل أن تغيبَ عنه. وبهذا يصبحُ مناخ الرواية غائماً كأنَّ ما يتراءى ما هو إلا أشباح أو آثار لزمن غابر.
الحب
0.00$
نفذت الكمية
منتجات ذات صلة
الكتب العربية
0.00$
قصص و روايات مترجمة
0.00$
قصص و روايات مترجمة
0.00$
قصص و روايات مترجمة
0.00$